الشيخ: الفَرْق بين الصورتين: المجتهد في مذهبه قلت: يمكن أن يجتهد في مذهبه باعتبار أدلة الكتاب والسُّنَّة، أو باعتبار أئمة المذهب، فالأول يعرف الأقوال في مذهبه، ثم يَعْرِضُها على الكتاب والسُّنَّة، والثاني يعرف الأقوال في مذهبه، ثم يَعْرِضُها على أئمة المذهب، فما كان عليه أئمة المذهب أخذ به، ولا يلتفت للأدلة، ولا ينظر فيها.
خرج بذلك المُقَلِّد الذي لا يجتهد أبدًا، يأخذ مثلًا الروض المُرْبِع ويمشي عليه، يأخذ منتهى الإرادات ويمشي عليه، يأخذ الإقناع ويمشي عليه، ولا ينظر في الأقوال، ولا يقارن بينها، فهذا لا يصحُّ أن يكون قاضيًا، ليش؟ لأنه مُقَلِّد، غير مجتهد، ما يقارن بين الأقوال ويختار الأرجح، والمُقَلِّد قال ابن عبد البر: إنه ليس من العلماء بإجماع العلماء، وصَدَق؛ لأن الله يقول:{اسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}[الأنبياء: ٧]، فمن احتاج إلى الرجوع إلى قول غيره ليس من أهل الذِّكْر، وليس من أهل العلم.
على هذا نقول: يُشترط في القاضي أن يكون مجتهدًا، ثمَّ قسَّمنا الاجتهاد إلى قسمين: مطلق، ومُقَيَّد، الاجتهاد المطلق هو: الذي ينظر صاحبه في أقوال أهل العلم جميعًا، ويرجِّح منها ما رجَّحه الكتاب والسُّنَّة، هذا مجتهد مطلق.
المجتهد المُقَيَّد: المجتهد في مذهبه، وهذا له صورتان؛ الصورة الأولى: أن يكون مجتهدًا في مذهبه يَعْرِض أقوال المذهب على الكتاب والسُّنَّة، ويرجِّح ما رجَّحه الكتاب والسُّنَّة، والثاني: مجتهد في مذهبه؛ في أئمة المذهب، لا في الأدلَّة، فما كان عليه الأئمة من المذهب أخذ به وترك الباقي.