للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن غاية ما فيه أنهما رضِياه مصلِحًا بينهما، أو كالمصلح بينهما؛ ولهذا نصَّ على هذه المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية، وقال: إنه لا يُشترط في المُحَكَّم ما يُشترط في القاضي، والفرق بينهما -كما قلت- هو أن الحاكم منصوبٌ من قِبَل ولي الأمر فحكومته ولاية، وأما هذا فهو مُحَكَّم من قِبَل خَصْم معين في قضية معينة، فهو يُشْبِه المُصلِح بين خصمين.

قال المؤلف: (نَفَذَ حُكْمُهُ فِي الْمَالِ) كيف بالمال؟ مثل أيش؟ (نَفَذَ حُكْمُهُ فِي الْمَالِ) ( ... ) في ذمتك لي مئة درهم، والثاني يقول: ليس عندي شيء، قال: طيب، مَنْ ترضى؟ نروح للقاضي؟ قال: لا، ما إحنا رحنا للمحكمة نفتضح، مَنْ ترضى يحكم بيننا؟ قال: أرضى أن يحكم بيننا فلان، فذهبا إلى فلان وحَكَم بينهما بما تقتضيه الشريعة، يجوز ولَّا لا؟

طلبة: نعم، يجوز.

الشيخ: يجوز، ويَنْفُذُ الحكم.

فإن اتفقا عليه أنْ يحكم بينهما، ثم رجع أحدهما عن ذلك وامتنع، بعد أن اتفقا على أن يحكم بينهما فلان قال أحدهما للآخر: أنا تراجعت عن ذلك، وأريد أن يحكم بيننا القاضي.

طالب: ننظر.

الشيخ: هل له ذلك؟

طالب: لا.

الشيخ: نقول: يُنظَر في هذا؛ إن كان قد شرع في الحُكْم فلا يملك الرجوع، إن كان المُحَكَّم قد شرع في الحُكْم فإنه لا يملك الرجوع، لماذا؟ لأنه ربما يتراجع إذا تبين له مِنْ كلام المُحَكَّم أن الحق عليه، أما إذا كان قبل ذلك فلا بأس، إذا كان قبل أن يتحاكما -أي: قبل أن يصلا إلى مجلس الحكم- فلا بأس في هذا.

على كل حال نقول: إذا شرع المُحَكَّم في القضية فلا رجوع، وقبل شروعه في القضية يجوز الرجوع.

(ونفذ حُكْمُهُ في الْحُدُودِ)، هل هناك حدٌّ يكون بين المتخاصمَيْن؟

الجواب: نعم؛ مثل حد القذف، فإن حدَّ القذف يكون بين المتخاصمَيْن.

<<  <  ج: ص:  >  >>