يقول:(وَغَيْرِهَا)، ويش غيرها؟ كالحقوق الزوجية مثلًا، كالميراث، كالودائع، كالرُّهون، كالأوقاف، كل شيء، المهم أنهما إذا حَكَّما رجلًا صار هذا المُحَكَّم كالقاضي المنصوب مِنْ قِبَل ولي الأمر؛ يَنْفُذ حكمه في كل شيء.
***
[باب آدب القاضي]
ثم قال المؤلف رحمه الله:(باب آداب القاضي).
(آداب القاضي) يعني: أخلاقه التي يُطالَب أن يكون عليها، هذه الآداب، فالآداب هي الأخلاق، (آداب القاضي) يعني: الأخلاق التي يُطالَب أن يكون عليها؛ إمَّا وجوبًا، وإمَّا استحبابًا.
والقاضي مَنْ؟ هو المنصوب مِنْ قِبَل ولي الأمر ليقضي بين الناس، ولا يزال مسمًّى بهذا الاسم إلى يومنا.
قال:(يَنْبَغِي أن يَكُونَ قَوِيًّا مِنْ غَيْرِ عُنْفٍ) كلمة (يَنْبَغِي) إذا جاءت في كلام الفقهاء فهي بمعنى: يُستَحَب، وإذا جاءت في كلام الله فالمعنى أنها ممتنع، إذا جاءت بصيغة النفي في كلام الله أو في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم فمعناها الممتنع.
مثاله قوله تعالى:{وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا}[مريم: ٩٢]، ويش معنى (ما ينبغي)؟ يعني: ما يَحْسُن أن يكون له ولد، أو لا؟ المعنى: ما يمكن؛ يعني أنه يمتنع غاية الامتناع، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ»(٣) يعني: يمتنع عليه النوم.
أما كلمة (ينبغي) في كلام الفقهاء فهي بمعنى: يُستحب، إذا قالوا: لا ينبغي؛ لا يُسْتَحب، إذا قالوا: ينبغي؛ يعني: يُسْتَحب.
لكن هذا في اصطلاح الفقهاء على سبيل العموم، أما الإمام أحمد رحمه الله فإن أصحابه يقولون: إذا قال: لا ينبغي، فهو للكراهة، وقد يكون للتحريم.
قال:(يَنْبَغِي أن يَكُونَ قَوِيًّا مِنْ غَيْرِ عُنْفٍ) هذان وصفان؛ أحدهما ثبوتي، والثاني سَلْبي، الثبوتي أن يكون قويًّا؛ يعني: له شخصية وله سلطان، لا يكون ضعيفًا أمام الخصوم.