للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب: لا؛ لأن النهي عما لا يمكن تنفيذه طَلَبُ مُحالٍ، وتكليف بما لا يستطيع، لكن «لَا تَغْضَبْ» يعني: لا تعوِّد نفسك الغضب.

هذا أيضًا القاضي الذي أمرناه أو طلبنا منه أن يكون قويًّا من غير عنف ليِّنًا من غير ضعف، إذا قال: واللهِ، هذه جِبلَّتي، أنا رجل غضوب وشديد وعنيف، ويش نقول له؟ نقول: عَوِّدْ نفسك، والآخر الضعيف: يا رجل، تَقَوَّ، خلِّ لك هيبة عند الخصم، قال: هذا اللي أعطانا الله، ويش نقول له؟

نقول: عوِّد نفسك القوة، حتى يكون مجلسك محترمًا غير ملعوب فيه.

قال المؤلف: (حَلِيمًا) يعني: بعيد الغضب، أو بطيء الغضب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا تَغْضَبْ» (٤) وأحقُّ الناس بهذه الوصية مَنْ؟

طلبة: القاضي.

الشيخ: القضاة؛ لأنه إذا كان سريع الغضب، فإن الغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم، فتنْتفخ أوداجه وتحمَّر عيناه، ويقف شعره، ولا يستطيع أن يتصور المسألة، ولا تطبيقها على الأحكام الشرعية، ولَّا لا؟ نعم؛ ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: «لَا يَقْضِي الْقَاضِي وَهُوَ غَضْبَانُ» (٥)، فالذي ينبغي أن يكون حليمًا، لكن يكون حليمًا في موضع الحِلْم، ومُعاقِبًا في موضع العقوبة؛ لأنا إذا قلنا: كن حليمًا في كل شيء، معناه كتَّفْنَاه، ما يتحرك، فينبغي أن يكون حليمًا في الموضع الذي يكون فيه الحِلْم من الحكمة.

يقول الشاعر:

أَلَا لَا يَجْهَلَنْ أَحَدٌ عَلَيْنَا

فَنَجْهَلَ فَوْقَ جَهْلِ الْجَاهِلِينَا

فإذا كان الإنسان حليمًا في موضع الحِلْم وأَخَّاذًا بالعقوبة في موضع الأخذ، فهذا هو الكمال؛ ولهذا ربنا عز وجل قال: {اعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: ٩٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>