للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: يعني: أزرعها أنا وله نصف الزَّرع، فقال صاحبه: أبدًا، ما أعطيتها إياه، القاضي عنده فِطْنَة، بفراسته رأى أن الصواب مع المُدَّعي الذي قال: إنك قد أعطيتنيها مزارعة، فقال للمُدَّعِي: هل لك عليه بَيِّنَة أنه عَقَد هذا العقد معك؟ قال: لا، ما عندي بَيِّنَة، قال: طيب، إذا ما عندك بَيِّنَة فليس لك حق، والرجل حتى لو ثبت أنه قد عقد لك المزارعة فهذه القليب -يعني: البستان- وقف، والرجل اختار للوقْف ما هو أنفع، فهو أعطاك إياه بالنصف، وجاءه آخر وقال: أنا يكفيني الثلث، وما دام البئر وقْفًا فأيهما أحسن لصاحب الوقْف، الثلث أو النصف؟

طالب: الثلثان.

الشيخ: الثلثان؛ يعني: أحسن أن يكون الثلث للزارع، والثلثان لصاحب البئر، وهذا رجل ناظِر وقْف وسيحتاط للوقْف، ما تقول؟ يقول القاضي لصاحب القليب: ما تقول؟ أليس الأمر كذلك؟ قال: بلى، هذه فِراسة، فقال القاضي لصاحب البئر: أعطِ المزارع البئر، والقول ما قاله المزارع.

فمثل هذه الأشياء؛ يعني: كون القاضي يُوهِم خلاف الواقع لأجل استنباط الحكم من المُدَّعَى عليه أو من المُدَّعِي هذا من الفطنة التي ينبغي أن يكون القاضي عليها.

طالب: إذا قلنا يا شيخ: إن المُحَكِّم هو الذي يقيم الحدود، أليس هذا افتئات على الإمام ونحن نقول: إن الحدود لا يقيمها إلَّا الإمام؟

الشيخ: إي نعم، الحدود التي لله -كالزِّنا- هذه للإمام، والحدود التي للآدميين -كالقذف- هذه للآدمي.

طالب: ( ... ) المحكم الذي يحكم بين اثنين ( ... ) في الزنا؟

الشيخ: لا، ما له يحكم في ثبوت الزنا أو انتفائه.

طالب: قلت: في بعض الحدود؟

الشيخ: الحدود الجنس، مراده الجنس، الجنس يشمل الواحد.

طالب: مثال على الأناة، القول بالتأنِّي؟

<<  <  ج: ص:  >  >>