للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو كانا سواءً في اللفظ -يعني: في حروفه وعدد كلماته- لكن يتكلم على أحدهما بنهْرٍ وشدَّة، والثاني برفق ولين، إذن في اللفظ؛ من حيث عدد الكلمات، ومن حيث كيفيته، ونبرات الصوت.

كذلك أيضًا (مَجْلِسِهِ) يعني: ما يخلِّي واحدًا على اليمين، وواحد يقول: روح هناك، أو واحد يقول: تعالَ هنا على الفراش، والثاني: روح هناك على الخصاف، ما يمكن، يكون المجلس واحدًا في الدنوِّ منه، وكذلك في نوع ما يجلس عليه؛ فلا يُفَضِّل أحدهما على الآخر.

ويُحْكَى أن بعض القضاة دخل عليه رجل وحده فجلس إلى جنبه فأكرمه القاضي، أكرمه وسأله واحتفى به، فدخل رجل آخر فجلس جلوسًا عاديًّا في المكان فقال: يا شيخ، هذا أنا أدعي على فلان بكذا وكذا، قال: أنت خصم؟ قال: نعم، قال: قُمْ عن هذا المكان، اجلس مع صاحبك، وهكذا يجب أن يعدل بين الخصمين في مجلسه.

كذلك في (دُخُولِهِمَا عَلَيْهِ) لا يقدِّم أحدهما على الآخر، بل يدخلان جميعًا، فلا يَقُلْ لأحدهما -مثلًا- إذا وقف أمامه عند الباب: تفضل يا فلان، بل يدخلان جميعًا، أو يختصمان فيما بينهما؛ إن قدَّم أحدهما الآخر فالحق لهما، لكن باعتبار أن القاضي يُدخِلُ أحدهما قبل الآخر هذا لا يجوز؛ لأن هذا خلاف العدل، ولا شك أن المقام مقام عدل، وأنه لو خولف العدل في هذا المكان لأفضى إلى بطلان حُجَّة مَنْ له الحُجَّة، وانتصار مَنْ ليس له حُجَّة، فالواجب العدل.

فإنْ كان الباب لا يَسَع إلَّا واحدًا؟

طلبة: قرعة.

الشيخ: يقرع بينهما، إلَّا إذا اختار أحدهما أن يقدِّم صاحبه فالحق لهما.

فإن قلت: أفلا نقدِّم الأكبر؟

قلنا: لا، المقام مقام عدل، ما نقدِّم الأكبر، ولا نقدِّم الأقرب، ولا نقدِّم الأشرف، ولا نقدِّم الأوضع، بل نقول: الحق لكما أن تدخلا جميعًا، واختصِما فيما بينكما.

هذه أربعة أشياء يجب عليه أن يعدل بين الخصمين فيها.

في السلام؛ إذا سلَّم أحدهما فهل يَرُدُّ عليه السلام، أو ينتظر لعل الآخر يسلِّم؟

<<  <  ج: ص:  >  >>