للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (وَيَنبَغِي أن يُحضِر مَجلِسَهُ فُقَهاء المذاهِبِ وَيُشاوِرُهم فيما يُشكِلُ عليه) (وَيَنبَغِي أن يُحضِر مَجلِسَهُ فُقَهاء المذاهِبِ) فإذا كان في البلد عدة مذاهب فينبغي أن يُحضِر مجلسه فقهاء المذاهب، كم في البلد من مذاهب؟ قالوا: فيه خمسة مذاهب؛ شافعي ومالكي وحنفي وحنبلي وظاهري -مثلًا- يقول: يلا جمعوا لي من كل واحد فقيهًا يحضرون عندي؛ مِنْ أجل إذا أشكل عليه شيء شاورهم في مجلس الحكم.

هكذا قال المؤلف رحمه الله تبعًا لغيره من فقهاء المذهب أنه ينبغي للقاضي أن يُحْضِر الفقهاء ليشاورهم فيما يُشْكِل عليه، والصحيح أن هذا ليس بمستحب، بل ترْكُه هو المستحب؛ لأن إحضار الفقهاء فيه عدة محاذير:

المحذور الأول: أن من القضايا ما يحبُّ الخَصمان أن يكون سرًّا لا يطَّلِع عليه أحد، فإذا أحضر أُناسًا قد لا يحتاج إليهم، قد لا تُشكِل عليه المسألة فيحتاج إلى مشاورتهم، فإذا أحضر أحدًا فإن الخصمين يخجلان من ذلك.

ثانيًا: أنه قد يكون بعض الفقهاء من الثرثارين المتكلمين، الذي يحرص على أن يخطف كلمة فينظر إلى أكبر مجلس فيجلس متربعًا ويتحدَّث؛ حضرتُ عند القاضي، وحضر عنده فلان بن فلان، وقال فلان كذا، وقال الآخر كذا، وعَلَتْ أصواتهم عند القاضي، وسكَّتهم القاضي، ثم عادوا، ثم يذكر كل القضية، فتنتشر قضايا المسلمين بين الناس، يبدأ الناس يعلِكون فيها ويلفِظون.

ثالثًا: أن في ذلك إضعافًا لجانب القاضي، كيف هذا؟ يقولون: هذا القاضي ما يقضي إلَّا والناس عنده -الفقهاء- معناه أنه ما عنده علم، ولَّا لا؟ فيضعف جانب القاضي أمام الناس، وإذا ضَعُفَ جانب القاضي أمام الناس أصبحت أحكامه مُهلهلةً، وكل إنسان يستطيع أن يعترض عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>