للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعًا: أنه إذا اختار فقهاء المذاهب كان في هذا إظهارٌ للفُرْقَة بين الناس؛ لأننا نحب أن نُقَلِّل الخلاف ما استطعنا، وألَّا نقول: ويش مذهب فلان؟ وأنت على أي مذهب؟ وما أشبه هذا، فإن الواجب أن يُحْشَر الناس كلهم بقدر الاستطاعة على قول واحد، وهو ما دلَّ عليه كتاب الله وسُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم، أما أن نُظهِر الفُرْقة بين الناس بالفِرَق فهذا أمر لا ينبغي.

ولهذا دائمًا بعض العامَّة يجون يستفتون يقولون: أبغيك تفتينا على مذهب الشافعي، على مذهب الحنفي، وما أشبه ذلك، نقول لهم: المذاهب كلها سواء، كلُّها ترجع إلى شيء واحد؛ كتاب الله وسُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم.

واحد من هذه المحاذير يكفي بأنْ نقول: إنه لا ينبغي أن يُحْضِر مجلِسَه الفقهاء.

ماذا يصنع فيما يُشْكِل عليه؟

يُرجئ المسألة، نحن نقول: ليس كل قاضٍ يكون مستعدًا للعلم بكل ما يَرِدُ عليه من قضية، ولكن إذا أشكَل عليه شيء فالواجب عليه أن يُرجئ الحكم، ويقول للخصمين: اذهبا وأتيا بعد يوم، أو يومين، أو ثلاثة، حسب ما يظن أن المسألة تتطلبه من وقت، ثم يراجعها بنفسه، ويشاور العلماء الذين في بلده، أو الذين في خارج بلده، مثل وقتنا الحاضر، يستطيع القاضي -وهو في مجلس الحكم- أن يتصل بأي عالِم يثق بعلمه ويشاوره ويحكم، أليس كذلك؟

طالب: بلى.

الشيخ: طيب، إذن ما قاله المؤلف هذا فيه نظر، بل هو ضعيف، والصواب أنه لا ينبغي.

قال المؤلف: (وَيَحْرُمُ الْقَضَاءُ وَهُوَ غَضْبَانُ كَثِيرًا) هذا من الآداب الواجبة؛ وهو تجنب القضاء في حال الغضب الشديد، فالقضاء في حال الغضب الشديد محرَّمٌ، والغضب -كلنا يعرفه- انفعال يحدث للنفس بسبب ما يثيرها من مخالفة الهوى، فتجد الرجل تنتفخ أوداجه، وتحمَرُّ عيناه ووجهه، ويقف شعره، ويفقد وعيه أحيانًا، أحيانًا تصل الحال بالغضبان إلى ألَّا يدري أفي السماء هو أم في الأرض؟ ولا يدري ما يتكلم به.

<<  <  ج: ص:  >  >>