الشيخ: أبدًا، ما يحتاج، إذا حَكَم ليس للخصم أن يطالبه بالدليل، لو فُتِح هذا الباب ما بقي حُكْمٌ إلا ويُعترض؛ يسأل يقول: وين الدليل؟ إذا قال: الدليل كذا وكذا. قال: هل تُثبت أنه ما فيه تخصيص؟ يمكن فيه حديث يخصِّصه، يمكن فيه حديث يَنْسفه، يمكن فيه حديث يُقيِّده. ثم يفتح عليه أبوابًا كثيرة، والأصل أن القاضي موثوقٌ به.
طالب: أقول: هذا يدلُّ على أن القاضي يتعرَّض للجوع والعطش والحرِّ الشديد ( ... ) يؤدِّي إلى مُحَرَّم ..
الشيخ: إي نعم، ما أدَّى إلى مَنْع الحقِّ فهو حرامٌ، إي، وأمَّا مسألة الْحَرِّ فليس بيده.
طالب:( ... ).
الشيخ: ما هو بيده الْحَر، الجوعُ والعطشُ في يده، فنقول: يجب عليك أنك إذا كنتَ كثيرَ الشُّرب للماء كثيرَ العطش؛ استصحِبْ معك جرَّةً فيها ماء؛ تجيء كلَّما عطشتَ تشرب.
طالب: شيخ، إذا كان أحدُ الخصمين من أهل الاجتهاد فتناظَرَ مع القاضي وأقْنَعَه بالْحُجَّة، فهل له أن يأخذ به؟
الشيخ: أبدًا، ليس له ذلك، لكنْ له أن يتكلَّم مع القاضي في مجلسٍ آخَر.
الطالب: جرت المناظرة بينهما؟
الشيخ: أبدًا، للقاضي أن يمنعها.
***
( ... )(فأصابَ الحقَّ نَفَذ).
(إنْ خالَفَ) أي: القاضي إنْ خالَفَ وحَكَم في هذه الأحوال التي لا يَحِلُّ له فيها الحكْم فأصابَ الحقَّ نَفَذ حُكْمه.
فإن قال قائل: كيف ينفذ وهو مُحَرَّم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»(٢)، أفليست القاعدة أنَّ مِثل هذا يوجب بُطْلان الحكْم، كما لو عَقَد على امرأةٍ عقدًا محرَّمًا فإن العقد يَبْطل؟
فالجواب أن يقال: إنه إنما نُهِيَ عن ذلك خوفًا من مخالفة الصواب، فإذا وقعت الإصابةُ فهذا هو المطلوب.