للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَنْ هنا نقول: هذا لم يخرجْ عن القاعدة؛ وهي أنَّ الشيء المحرَّم لا ينفذ ولا يصِحُّ؛ لأن العِلَّة التي من أجْلها حُرِّمَ انتفتْ؛ حيث إنه أصابَ الصواب، ولهذا قال: (إنْ خالَفَ فأصابَ الحقَّ نَفَذ).

فإنْ لم يُصِبِ الحقَّ فإنه لا ينفذ؛ لأنه على غير حُكْم الله ورسوله، هذا الرجُل أساءَ فحَكَم في حال الغضبِ أو الجوعِ أو ما أشْبَهَ ذلك ولم يُصِب الحقَّ، فهو ليس مُصِيبًا لا في إقدامه على الحكْم ولا في حُكْمه، فيكون الحكْم باطلًا.

قال: (ويَحْرُم قَبُولُ رشْوةٍ)، وهي مثلثة الراء؛ يقال: رِشوة، والثاني؟

طلبة: رَشوة.

الشيخ: رَشوة، والثالث؟

طالب: رُشوة.

الشيخ: رُشوة، وهي مأخوذةٌ من الرِّشاء، وهو الحبْل الذي يُعقَد به الدَّلو لاستخراج الماء، والرِّشاء يتوصَّل به الإنسانُ إلى مقصوده. الرِّشاء ويش مقصوده؟

طلبة: الماء.

الشيخ: الماء.

الرِّشْوة: بَذْل شيءٍ يتوصَّل به الإنسانُ إلى المقصود، فكلُّ مَن بذَلَ شيئًا يتوصَّل به إلى المقصود فهو راشٍ، لكن الرِّشوة في الحكْم لا تجوز، وهي أنْ يبذُلَ الخصْم للقاضي شيئًا يتوصَّل به إلى أن يحكم له القاضي بما ادَّعاه أو يرفعَ عنه الحكْم فيما كان عليه؛ لأن اللِّي يُعطِي الرِّشوة تارةً يريد أنْ يُحكَم له بما ادَّعاه، وتارةً يريد أن يُرفعَ عنه ما ادُّعِيَ عليه. وبينهما فرق؟

الطالب: إي نعم.

الشيخ: طيب، إذا كان الخصم يدَّعي أنه يطلب فلانًا مئة ألفٍ ودفع إلى القاضي رشوةً؛ فهذا يريد من القاضي أنْ يحكم له بما ادَّعاه، وإذا كان الخصم قد ادُّعِيَ عليه بمئة ألفٍ وأعطى القاضي دراهم؛ فهذا يريد من القاضي أنْ يرفع عنه ما ادُّعِيَ عليه، وفي كلتا الصورتين الرشوة محرَّمة:

أولًا: للحديث الصحيح أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لَعَنَ الراشِيَ والمرتشيَ (٣)، واللعنُ هو الطَّرد والإبعاد عن رحمة الله، وهذا يقتضي أن تكون الرشوة من كبائر الذنوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>