للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طريق الشيء هو ما يوصِل إلى الشيء، ومنه طريق البلد؛ لأنه يوصِل إلى البلد.

و(الحكْم) هو الفَصْل في الخصومات؛ يعني: باب الطريق الذي نتوصَّل به إلى الحكْم بين الناس؛ يعني: كيف تحكم؟ هذا المعنى؛ كيف تحكم؟

سَبَق لنا أن الخصمين يدخلان على القاضي، وأنه يجب عليه أنْ يعدل بينهما في لفْظِه، ولَحْظِه، ودخولِهما عليه، ومجلسِه؛ في أربعة أشياء، فإذا دَخَلا عليه على هذه الصِّفة فكيف يتوصَّل إلى الحكْم بينهما؟

يقول المؤلف: (إذا حَضَر إليه خصمانِ قال: أيُّكُما المدَّعِي. فإن سَكَتَ حتى يُبدأ جازَ).

حَضَر الخصمان وجلسَا بين يديه، فهو يُخيَّر؛ إن شاء قال: أيُّكما المدَّعي؟

طيب، لو قال بدل (أيُّكما المدَّعِي): (ويش عندكم؟ )، يجوز ولَّا لا؟

يجوز؛ لأن هذه ألفاظ ليست للتعبُّد، المهم أن يسألهم: أيُّكما المدَّعي؟ وإنْ قال كلمةً سواها تؤدِّي معناها فلا بأس، هذا واحد.

أو يسكت؛ هو لا حاجة له، الحاجة لهما، فيسكت حتى يبدأا هما، فصار إذا حضر إليه الخصمان يُخيَّر بين أن يسألهما أو يسكت.

لكنْ إذا تساكتوا إلى متى؟ القاضي يكون عنده معاملات ينظر فيها، وإنْ خاف أن يظنَّ المدَّعيان أنه مشغولٌ عنهما فليترك النظر ليُفسح لهما المجال في الكلام، المهم إذا سَكَت فلا بأس.

ولكنْ لا شكَّ أن المؤلف لا يريد من القاضي أنْ يسكت إلى ما لا نهاية له؛ لأن هذا ضياعٌ لوقته ولوقتهما، لكنْ يسكت مدَّةً يرى أنهما لو أرادا أن يتكلَّما لَتكلَّما، فإذا مضت مدَّةٌ لو أرادا أن يتكلَّما لتكلَّما قال لهما: ما عندكما؟ لأنهما أيضًا قد يسكتان هيبةً للمقام، أليس كذلك؟ لا سيَّما إذا كان القاضي مَهِيبًا.

المهم أن الفقهاء رحمهم الله يقولون: إن القاضي إذا حَضَر إليه الخصمان يُخَيَّر بين أن يسألهما وبين أن يسكت حتى يبدأا.

يقول: (فمَنْ سَبَقَ بالدَّعْوى قَدَّمَهُ).

<<  <  ج: ص:  >  >>