على كلِّ حالٍ نقول: هذا الأمر نادرُ الوقوع، لا يكون إلَّا -اللهمَّ- إلَّا لحيلةٍ.
لكنْ قد يقول إنسان: يمكن أن يقع هذا؛ مِثْل أن يكون الرجل في أول أمْرِهِ يريد أن يأكل المالَ بالباطل، فلمَّا حَضَرَ عند القاضي تذكَّر حضوره بين يَدَيِ الله مع خصمه. أليس كذلك؟
طلبة: نعم.
الشيخ: فلمَّا تذكَّر هذا لانَ قلبُه وقال: إذَنْ أُقِرُّ بالحقِّ هنا ليؤخَذَ مِنِّي قَبْل أن يؤخَذَ مِن عملي الصالح. هذا يمكن ولَّا لا؟ يمكن.
ثانيًا: ربما يكون هذا المدَّعَى عليه قد نَسِيَ فأنكر، أو ادَّعَى الوفاء -مَثَلًا- ثم أثناء جلوسِهِ عند القاضي تذكَّر، هذا أيضًا يمكن ولَّا ما يمكن؟
طالب: يمكن.
الشيخ: يمكن، المهمُّ -على كل حالٍ- إذا أقرَّ له حَكَمَ له عليه، بإقراره ولَّا بالدعوى؟
الطلبة: بإقراره.
الشيخ: بإقراره.
(وإنْ أَنْكَرَ) مَن اللِّي أَنْكر؟ (أَنْكَرَ) أي: المدَّعَى عليه، (قال) يعني الحاكم (للمدَّعِي: إنْ كان لك بيِّنةٌ فأَحْضِرْها إنْ شِئْتَ).
طيب، إذا أَنْكر المدَّعَى عليه يُطالَب، المرتبة الثانية. شوف الآن ادِّعاء المدَّعِي:
المرتبة الأولى: أقرَّ المدَّعَى عليه، يحكم عليه ولَّا لا؟
الطلبة: نعم.
الشيخ: (أَنْكَرَ) نتحوَّل إلى المرتبة الثانية؛ يقول القاضي للمدَّعِي: (إنْ كان لك بيِّنةٌ فأَحْضِرْها إنْ شئتَ). شوف التلطُّف مع الخصوم؛ لا يقول: أَحْضِرْ بيِّنتك. يقول: (أَحْضِرها إنْ شِئت)؛ لئلَّا يكون في ذلك إلزامٌ للمدَّعِي، بل يقول: (إنْ شِئْتَ).
طيب، لو قال كلمةً غير هذه كأنْ قال: يا فلان، عندك بيِّنة؟ فهاتِها. بهذا اللفظ؟ لا بأس.
قال: عندك شهود؟ جِئ بهم؟ لا بأس.
ليش؟ لأن المقصود المعنى؛ إذْ إنَّ هذه ألفاظٌ ليست للتعبُّد، فأيُّ لفظٍ حصلَ به المعنى كفى.
قال: (فإنْ أَحْضَرَها) إنْ أَحْضَرَها مَن؟ المدَّعِي (سَمِعَها) مَن اللِّي يسمعها؟
الطلبة: القاضي.
الشيخ: القاضي، (وحَكَمَ بها).