(سَمِعَها وحَكَم بها)، (سَمِعَها) بمعنى أنه يَقْبل الكلام؛ يقول: شهادتُكُما صحيحة.
(حَكَم بها) يعني يقول: وثَبَت لديَّ أنَّ لفلانٍ على فلانٍ كذا وكذا.
السماع سابق على الحكْم ولَّا لا؟
الطلبة: نعم، سابق.
الشيخ: السماعُ سابق.
وقول المؤلف:(إنْ أَحْضَرَها سَمِعَها) ظاهره أنه يسمعها مُطْلقًا، ولكنه مقيَّدٌ بما إذا كانت البيِّنة ذات عدْلٍ، فإنْ كان القاضي يعلم أن هذه البيِّنة ليست ذات عدْلٍ فإنه لا يسمعها أصلًا، وإذا لم يسمعها لم يحكم بها.
وهنا هل يجوز للقاضي أنْ يحكم بعلمه أو أنْ يعتمد على علمه في عدالة الشهود إذا كان يعرفهما، أو لا يعتمد على علمه ويطلب تزكيتهما؟
الجواب: يعتمد على علمه؛ فإذا كان يعرف الشاهدَيْنِ وأنهما عَدْلانِ فلا يحتاج إلى طلبِ تزكيتهما من المدَّعِي، لا يحتاج؛ لأنه يعلم عدالتهما، أمَّا إذا كان يعلم أنهما غير عَدْلينِ فإنه لا يسمعها، بل يردُّهما ولا يسمع.
طيب، إذَنْ (سَمِعَها) متى؟ إذا عَلِم العدالة؛ عدالتهما.
طيب، وهل يجوز أنْ يمتحنهما بأنْ يُكَرِّر عليهما السؤال: ويش لون كذا؟ ويش لون باع عليه؟ وفي أيِّ وقت؟ وفي أيِّ مكان؟ وهل هو غضبان ولَّا راضٍ؟ وهل هو توَّه قام من النوم ولَّا ( ... ) من النوم؟ وما أشبَهَ ذلك، يجوز؟
نقول: ما يجوز يُعَنِّت الشاهدَينِ؛ لأن هذا يؤدِّي إلى كراهة الناسِ الشهادةَ، ولأنه إذا عنَّتَهما فإنَّ بعض الناسِ ليس عنده تلك القوة، ربما يتضعضع ويتضاعف في أداء الشهادة، فلا يجوز تعنيتُهما ولا انتهارُهما ولا امتحانُهما، إلَّا إذا صار عنده شكٌّ فلا بأس أنْ يفرِّقَ الشهودَ ويطلبَ مِن كلِّ واحدٍ شهادةً، وينظر هل تتناقض الشهادةُ أو لا.
قال:(وحَكَم بها).
طبعًا الحكْم بها بعد تمامِ شروطِ الحكْم بأنْ يتَّضِحَ له الحكْم الشرعي، وإلَّا فلْينتظِرْ.