للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني: لو تخاصَمَ إليه اثنان وهو يعلم أن المدَّعِي صادقٌ فيما ادَّعاه فهلْ يحكم بعلمه؟

المؤلف يقول: (لا يَحْكُم بعِلْمه)، لو كان يعلم مِثْل الشمس أنه صادقٌ ما يحكم بعلمه، ويش يعمل؟ قال للمدَّعِي: عندك بيِّنة؟ قال: ما عندي بيِّنة. وهو يعلم أنه لو طلبَ من المدَّعَى عليه اليمينَ لَحَلَفَ، ولكنَّه يعلم أنَّ الأمر كما قال المدَّعِي، فهلْ يحكم بعلمه؟

يقول المؤلف: لا؛ لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّمَا أَقْضِي بِنَحْوِ مَا أَسْمَعُ» (٤). ولم يَقُل: بنحو ما أعلم. فجعل الحكم مبنيًّا على الأمور الحسِّيَّة الظاهرة، لماذا؟ لئلَّا يكون القاضي محلَّ تهمة؛ لأنه إذا حَكَمَ بعلمه والناسُ قالوا: حَكَمَ لفلانٍ على فلانٍ وهو مدَّعٍ بدون شهودٍ يعلمهم الناس. يتَّهمونه ولَّا لا؟ يتَّهمونه.

ثم لو فتحْنا البابَ وقُلنا: إن هذا القاضي مِن أَعْدل عبادِ الله ولا يحكم إلا بالحقِّ. يأتي قاضٍ آخَر ويَحْكُم بالباطل ويقول: هذا الذي أعلمُهُ. أوْ لا؟ ما يمكن هذا؟ لو فتحْنا الحكْم بالعلم لكان كلُّ قاضٍ ( ... ) ادَّعى فلانٌ على فلانٍ كذا وكذا، وأنا أعلم أنَّ المدَّعِي صادقٌ، وقد حكمْتُ له بما ادَّعاه على خصمه. وهو يكذب، ما يعلم، يمكن هذا يوجد ولَّا ما يمكن؟ يمكن، فلو فُتِحَ الحكم للقاضي بعلمه لفسدتْ أحوالُ الناس؛ لأنه ليس كلُّ إنسانٍ يكون ثقةً، فسَدُّ البابِ هو الأَوْلى.

فإذَنْ لا يجوز الحكْم بالعلم للدليل والتعليل، ويش الدليل؟

«إِنَّمَا أَقْضِي بِنَحْوِ مَا أَسْمَعُ» (٤)، لا: بنحوِ ما أعلم، فالقضاءُ مبنيٌّ على الأمور الظاهرة.

التعليل؟

لو فُتِحَ البابُ لكان القاضي محلَّ تهمةٍ، ولَدَخَلَ فيه مَنْ لا يُوثق.

طيب، إذا تحاكَمَ إلَيَّ خصمانِ وأنا أعلمُ أنَّ الحقَّ مع المدَّعِي عِلْمَ اليقين؛ لأن المدَّعَى عليه البارحةَ جاء ليمِّي ومُقِرٌّ عندي، مُقِرٌّ، ما فيه إشكالٌ عندي، فماذا أعمل؟

<<  <  ج: ص:  >  >>