للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظاهر كلام المؤلف أن اليمين لا تُرَدُّ على المدَّعِي، بل يُحكَم للمدَّعِي بمجرَّد نُكول المدَّعَى عليه، ولا يردُّ اليمين إلى المدَّعِي؛ يعني مَثَلًا: ادَّعى زيد على عمرو بمئة ريال، فقيل لزيد: هات البيِّنة. قال: ليس عندي بيِّنة. فطلب أن يُحَلَّف المنكِر الذي هو عمرو، قال عمرو: لا أحلف. ظاهر كلام المؤلف أنه يُحكم عليه، ولا نقول لزيدٍ المدَّعِي: احلفْ أنك تطلبه بكذا وكذا. لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي»، فلم يجعل في جانب المدَّعِي إلا البيِّنة، «والْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» (٥)، فجعلَ اليمين في جانب المنكِر، إذَنْ لا نردُّ اليمين؛ لأن المدَّعِي لو قلنا له: احلفْ. قال: أنا ما أحلف، أنا ما عليَّ إلا البيِّنة، ما عندي بيِّنة، فبيِّنتي نُكول هذا الرجل. وهذا هو المشهور من المذهب.

وقيل: بلْ تُرَدُّ اليمين على المدَّعِي؛ لأنه لما نَكَل المدَّعَى عليه قوِيَ جانب المدَّعِي، والمدَّعِي إذا كان صادقًا في دعواه فالحلف لا يضرُّه، وإنْ كان كاذبًا فقد يهاب الحلف، قد تهون عليه الدعوى لكنْ عند الحلف يهاب ولا يحلف، فإذا نَكَل حَكَمْنا ببراءة المدَّعَى عليه.

على القول بالردِّ إذا نَكَل المدَّعِي نقول: إذَنْ لا شيء لك، ويش اللِّي يجعلك تأبى أن تحلف وأنت محِقٌّ؟ لو كنتَ محِقًّا حقيقةً لَحَلفْتَ، ما يضرُّك، الحلفُ على الحقِّ لا يضرُّ، لَمَّا أبيْتَ عرفْنا أنك مُبْطِل.

إذا قال: كيف أكون مُبْطِلًا؟ ليش ما حَلَف ذاك بعدُ وهو بريء؟

نقول: لأن ذاك يقول: أنا بريء، ليش أحلف؟ ! ما أنا بحالف، ( ... ) عليَّ، تظلمونني اظلموني، أمَّا أن أحلف وأنا بريء ما يصير. فلذلك القولُ الثاني في المسألة أنها تُرَدُّ اليمينُ على المدَّعِي.

فيه قول ثالث: التفصيل، وهو أنه إن كان المدَّعِي يحيط بالشيء دون المدَّعَى عليه فتُرَدُّ عليه اليمين، وإن كان العكس فلا تُرَدُّ عليه اليمين. كيف؟

<<  <  ج: ص:  >  >>