الشيخ: هذا تعليلهم. لكن الذي مشى عليه المؤلف -وهو القول الثاني في المسألة- يقولون: إن قول المدعِي: ما لي بيِّنة، قد يكون بحسب اعتقاده، ويكون له بيِّنة لم يعلم بها، أو يكون له بيِّنة لكن نسيها، أو يكون له بيِّنة ظنَّ أنها ماتتْ ولا فائدة من أنه يقول لي: واللهِ لي بيِّنة وميتة. هذا مِثْل الذي قيل له: أنت صلَّيت الفجر اليوم؟ قال: نعم. قال: مَن يشهد لك؟ مَن الذي جنبك؟ قال: جنبي أجنبي وجدار. أجنبي يعني غير معروف، وجدار، يبغي يشهد؟ ما هو بشاهد. هذا ربما قال: ما لي بيِّنة؛ لأنه ظنَّ أن البينة قد ماتتْ، وقال: أنا إذا قلت: لي بيِّنة، وهي ميتة، صار الكلام عبثًا.
على كل حال نقول: إن قوله: ما لي بيِّنة، ثم إتيانه بعدُ ببيِّنة لا يستلزم تكذيب البيِّنة أبدًا؛ ليس هنالك لزومٌ عقليٌّ ولا لزومٌ شرعيٌّ، لماذا؟ لأنه قد يكون نسيها، وقد يكون جَهِل أن له بيِّنة؛ قد يجلس إنسان مع خصمه في مكان، يجلسون في مكان ويتحدثون: تذكُر يا فلان ذاك من السَّنة لَمَّا تجيء ليمي تقول: واللهِ أنا احتجْتُ دراهم؛ أبغي أتزوَّج، وطلبوا عليَّ مئة ألف ريال، وطلبوا عليَّ ( ... ) بخمسين ألف ريال، وطلبوا عليَّ ذهبًا بخمسين ألف ريال، هذه مئتا ألف ريال، ما عندي مئتا ألف ريال، تبغي تسلِّفها؟ وإنك سلفتها، وأنا -الآن- الدنيا حياة وفيه موت، أنا مُقِرٌّ بأن لك عندي مائتي ألف ريال وهذا سببها. ما عندهم أحد، لكنْ فيه واحد يستمع، أو اثنان يستمعان، ممكن هذا ولَّا ما هو ممكن؟ ممكن، سواء كانوا يمشون في السوق ولَّا جالسين في مكان أو في مسجد أو غيره، يمكن يكون له بيِّنة ما عَلِم بها وقال: ما لي بيِّنة، يمكن يكون له بيِّنة ونسيها، وأحيانًا .. نحن دائمًا نقول: ما حصل كذا. وهو حاصل، لكن ناسين، ولَّا لا؟