الشيخ: ما يحلف؟ يقول: أديته، ما يحلف على هذا. على كل حال، المسألة واضحة، ما فيها إشكال الآن؛ يعني: يُقْضى عليه بالنكول، إذا عَيَّل يحلف، لكن المشكِل إذا حلف، لو حلف خليل، هذه مشكلة.
***
(ولا تصحُّ الدعوى إلا مُحَرَّرة).
(الدعوى) هي ادعاء الإنسان على غيره حقًّا، أو براءة من حق؛ يعني: أن يدعي على غيره حقًّا، فيقول: أنا أطلب من فلان كذا وكذا.
أو براءة منه بأن يُدَّعَى عليه فينكر، فهذه أيضًا نوع من الدعوى، وإن كانت تُسَمَّى إنكارًا.
فالدعوى إذن إما أن يدعي الإنسان أن له على فلان شيئًا، أو يَدَّعي عليه أنه أبرأه من كذا، أو ما أشبه ذلك، ولكن الأخيرة يسميها العلماء أيش؟ يسميها إنكارًا.
(الدعوى) أولًا يُنْظَر إليها من ناحية الجواز، هل يجوز للإنسان أن يدعي على غيره حقًّا؟
الجواب: نعم، إذا كان ثابتًا فله أن يَدَّعي عليه الحق، أما إذا كان ظلمًا فإن النصوص كثيرة في عقوبة من ادعى على غيره شيئًا باطلًا، يقول النبي عليه الصلاة والسلام:«مَنِ اقْتَطَعَ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينٍ هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانَ»(١)، والنصوص في هذا كثيرة.
فإذا جازت الدعوى فلا بد لها من شروط:
الشرط الأول: أن تكون (مُحَرَّرَة) وتحرير الشيء بمعنى تنقيته عن كل الشوائب؛ وذلك بأن يذكر جنس المُدعى به؛ جنسه، ونوعه، وصفته، وقدره، حتى يبقى متميزًا ظاهرًا محررًا مخلَّصًا من شوائب الجهل، وهذا هو معنى قوله:(معلومة المدعى به) فلا يكفي أن يقول المدعي: أنا أدعي عليه طعامًا، هذه دعوى غير مسموعة، ولا تصح حتى يحررها، فيقول: بُرًّا، أو رزًا، أو ما أشبه ذلك، ولا يكفي هذا أيضًا حتى يقول: إن قدره كذا وكذا، مئة صاع، مئتي صاع، وما أشبه ذلك، ولا يكفي هذا أيضًا حتى يضيف إليه ذكر الوصف، الجودة، والرداءة، وما أشبه ذلك، فالمهم لا بد أن تكون محررة من جميع الجوانب؛ من كل وجه.