لو ادعى عليه بعيرًا؛ أَدَّعِي عليه بعيرًا، هكذا؟ ما تُسْمَع؛ لأنها مُبْهَمَة حتى يبين؛ فيقول: بعيرًا رباعية، ثَنِيًّا وما أشبه ذلك، صفتها كذا وكذا، جنسها كذا وكذا، حتى يبين ويحرر. هذا ما ذهب إليه المؤلف.
وقيل: تصح الدعوى غير محررة وتُسْمَع، ويسمعها القاضي، ويطلب من المدعي تحريرها، فإذا قال: أدعي عليه بعيرًا يسمع، ولكن يقول: صفها، اذكر نوعها، جنسها، وما أشبه ذلك، وهذا أصح، لا سيما في الأمور التي تحتاج إلى دقة وصف.
مثل لو قال: أنا أدعي عليه أرضًا، أدعي أن هذا الملك لي، أدعي أن الملك الذي بيده يتصرف فيه لي، تسمع الدعوى، ثم بعد ذلك يطلب من أيش؟ من المدعي أن يحررها ويميزها؛ لأنه لا يمكن الحكم إلا بذلك إلا بتحريرها، هل هناك دليل؟
استدل الفقهاء رحمهم الله بقول الرسول عليه الصلاة والسلام:«إِنَّمَا أَقْضِي بِنَحْوِ مَا أَسْمَعُ»(٢)، والقضاء لا يمكن إلا بعد معرفة المقضي به، وإلا فإنه لا يمكن القضاء بشيء مبهم.
قال المؤلف:(مَعْلُومَةَ المُدَّعَى بِهِ) هذا من التحرير؛ أن تكون معلومة المدعى به جنسًا وقدرًا ووصفًا، فإن لم تكن معلومة المدعى به فإنها لا تصح ولا تُسْمَع.
والصحيح -كما قلنا- أنها تصح، ويطلب من المدعي أن يحررها؛ لأن القاضي لا يمكن أن يلزم بشيء مجهول، ولا يتأتى الإلزام بشيء مجهول.
قال المؤلف:(إلا بما نصححه مجهولًا كالوصية) فتصحُّ الدعوى به، ويَحْكُم القاضي بها، ثم يُعطى ما يترتب على ذلك.
فالوصية تصح بالمجهول؛ مثل: لو أوصى له من ماله بشيء؛ كلمة بشيء مجهول، والوصية عند الفقهاء رحمهم الله صحيحة ولو كان مجهولًا.
لكن ماذا نعطيه من المال؟
قالوا: يعطيه الوارث ما شاء مما يُطْلَق عليه أنه مال، فلو أعطاه درهمًا من مئة مليون درهم صح؛ لماذا؟
طلبة: لأنه يطلق عليه شيء.
الشيخ: لأنه يطلق عليه شيء، ولو أعطاه ثوبًا من ثيابه صح؛ لأنه يطلق عليه أنه شيء.