فهذه لو قال: أنا أدَّعي عليه بأنه أوصى لي بشيء، أدعي على الورثة بأن مورثهم أوصى لي بشيء، لا يقول القاضي: إحنا لا نسمع. نقول: نسمع الدعوى، وإذا أتيت بشهود حكمنا لك بأن لك وصية في ماله، بماذا؟ بشيء؛ أوصى له بسهم من ماله؛ يقول لمثل هذا: يصح، لكنهم قالوا: إنه يعطى السدس بناءً على آثار وردت في ذلك؛ أنه إذا أوصى له بسهم من ماله فله السدس.
يقول:(كالوصية وعبدٍ من عبيده مهرًا ونحوه).
المهر يصح بالمبهم؛ يصح المهر بالمبهم بأن تدعي المرأة بأن زوجها أمهرها عبدًا من عبيده، تصح هذه الدعوى ولَّا لا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: تصح؛ لماذا؟ لأن المهر يصح بمثل هذا.
إذن ما صح أن يكون عوضًا أو أن يكون مُستحَقًّا صحت الدعوى به؛ لأن الدعوى فرع على صحة العقد.
إذا خالعت على عبد من عبيدها، أو شاة من قطيعها؛ خالعت هي، فادَّعى الزوج بأن الزوجة خالعته على ذلك تصح دعواه ولَّا لا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: تصح؛ وتُلزم المرأة بإعطائه عبدًا من عبيدها، وحينئذٍ يُرْجَع فيه إلى ما ذكره أهل العلم في هذا الشيء.
إذن الدعوى لا تصح إلا محررةً. وما المحررة؟ المميزة الموضحة التي لا يظهر فيها اشتباه؛ وذلك بأن تكون معلومة المدعى به جنسًا وقدرًا ووصفًا، أو نقول: نوعًا.
طالب:( ... ).
الشيخ: نعم، إذا قلنا: نوعًا، دخل الجنس، إما أن تقول: جنسًا ونوعًا وقدرًا ووصفًا، وإما أن تقول: نوعًا وقدرًا ووصفًا.
الدليل قوله صلى الله عليه وسلم:«إِنَّمَا أَقْضِي بِنَحْوِ مَا أَسْمَع»(٢)، ولا يمكن القضاء هذا أيضًا؛ تعليل إلا بما كان معلومًا ليتأتى الإلزام به؛ لأن القاضي -كما مر- القاضي مخبر وحاكم وفاصل وملزم، ولا يمكن الحكم والإلزام إلا بشيء معلوم.