للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المؤلف: فيه أيضًا شرط؛ يشترط أن تكون منفكة عما يكذبها، يشترط في الدعوى أن تكون منفكة عما يكذبها؛ فلو ادعى على شخص أنه سرق منذ عشرين سنة، وعُمْرُ هذا المدَّعى عليه سبع عشرة سنة، فإن الدعوى لا تصح، كيف لا تصح؟ لأننا لو سمعناها لكان معنى ذلك أنا حكمنا على هذا الإنسان بأنه سرق قبل أن يولد بثلاث سنين، وهذا شيء مستحيل.

فإذن هذا شرط مجمع عليه؛ أن تكون منفكة عما يكذبها، فإن قُرِنَ بها ما يكذبها لم تسمع بالاتفاق.

الشرط الثالث: أن تمكن المطالبة بالحق؛ فلو ادعى عليه بمؤجل من أجل إثباته، قال: أنا أدعي عليه بمئة تحل بعد سنة، فإن ذلك لا يصح؛ السبب أن المدعي لا يمكن أن يطالب بذلك، حتى لو ثبت له ما أمكنه المطالبة؛ لأنه مؤجل.

إذن ماذا يقال له؟

يقال: اصبر حتى يحل، ثم بعد ذلك ادَّعِ عليه وطالب، أما قبل أن يحل فإننا لا نسمع منك هذه الدعوى؛ لأن حقك لو ثبت الآن لم تمكنك المطالبة به.

إذن يشترط شرط ثالث؛ أن تمكن المطالبة به حالًّا، فإن ادعى مؤجلًا لم تسمع الدعوى حتى يحل.

وهذا الشرط فيه خلاف، والصحيح أنه تجوز الدعوى بالمؤجل لإثباته؛ لأن هذا المدعي يقول للقاضي: أثبته لي وأنا ما أطالبه الآن، أنا أبقيه على ما هو عليه، لكني أريد بالمطالبة إثباته خوفًا من أن يموت الشهود الذين عندي أو ينسوا، أو ما أشبه ذلك، وهذه لا شك أنها وجهة نظر صائبة، فإن المدعي له وجهة نظر، وله حق في ذلك.

فالصواب إذن أنها تصح المطالبة بالمؤجل لإثباته، والمدعي الآن لا يقول: أنا مطالب به، يعني حتى لو قال: أنا مطالب به. ما يتمكن، لكن يقول: أنا أريد منكم إثباتًا بأن هذا الرجل في ذمته لي كذا وكذا، وإذا جاء وقت المطالبة طالبته.

<<  <  ج: ص:  >  >>