للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البينة في الشرع: كل ما أبان الحق وأظهره فهو بينة؛ ولهذا تسمى الكتب النازلة من السماء تسمى بيِّنات؛ لأنها تظهر الحق وتبينه، كذلك أيضًا في باب القسامة اللي مر علينا في كتاب الجنايات تسمى العداوة الظاهرة لوثًا وبينة، ولهذا يكتفى فيها بيمين المُدَّعِين، فالبينة كل ما أبان الشيء وأظهره فهو بينة.

لكن البينة في الأموال أو في دعوى الأموال رجلان، أو رجل وامرأتان، أو رجل ويمين المدعي؛ في الأموال البينة فيها رجلان؛ لقوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: ٢٨٢]، أو رجل وامرأتان: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ}، أو رجل ويمين المدعي؛ لأنه ثبت بالسنة الصحيحة الصريحة أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشاهد ويمين المدعي (٣).

البينة وهما الرجلان، أو الرجل والمرأتان، يعتبر فيها العدالة ظاهرًا وباطنًا؛ ظاهرًا فيما يظهر للناس، بحيث لا يظهر على الإنسان ريبة، رجل يصلي، رجل ما تجد عليه الكذب، رجل متستر، هذه عدالة ظاهرة، ما علم عليه ريبة، ولا تهمة، لكن لا بد أيضًا أن تكون أيضًا العدالة باطنًا؛ يعني: في باطن حاله، في الأمر الخفي، وهذا لا يعرف إلا بمعاملة معه، معاملةٍ يَخبُر بها المعاملُ باطن هذا الرجل؛ لأنه يوجد كثير من الناس ظاهرهم الاستقامة، لكن عند المعاملة تجدهم ظَلَمة، غَشَشَة، كَذَبة، يحلفون الأيمان الكاذبة من أجل الدنيا، وهذا كثير.

فلا بد من العدالة ظاهرًا وباطنًا؛ وذلك بأن يختبر الإنسان بمعاملة لا تظهر للناس تكون بينه وبين الرجل، فيعرف بها باطن حاله، إذن لا يكتفى بالظاهر في عدالة البينة، أعرفتم، لماذا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>