للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: لأن الأصل في المسلم عدم العدالة؛ لأن الله قال: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}، ما قال: أشهدوا اثنين منكم، وتخصيص الشاهدين بذوي العدل، يدل على أن هذا وصف زائد على مطلق الإسلام، فلا بد من ثبوت عدالة؛ لأن عندنا إسلام، وعندنا عدالة، والعدالة وصف زائد على الإسلام، والأصل في الوصف عدم الوصف ولَّا وجود الوصف؟

طلبة: عدم الوصف.

الشيخ: عدم الوصف؛ ولهذا قال أكثر أهل العلم: إن الأصل في المسلم عدم العدالة.

وهذا قد نقول: إنه لا شك فيه بالنسبة لحق الآدمي، فلا نستبيح أموال الآدميين إلا بمن عرف بالعدالة ظاهرًا وباطنًا، أما فيما يتعلق بحق الله فإنه ينبغي أن يكتفى بالعدالة ظاهرًا.

وقد ذكر الفقهاء رحمهم الله اعتبار العدالة ظاهرًا في عدة مسائل، منها: ولاية النكاح، ومنها الأذان يكتفى فيه العدالة الظاهرة؛ لأن هذا يغلب فيه جانب حق الله.

ولو تقدم لنا إنسان ليكون إمامًا وظاهره الصلاح، فإننا لا نحتاج أن نقول: لا بد من إقامة بينة على عدالته أيش؟ باطنًا، ما هو لازم، تكفي العدالة ظاهرًا في حق الله.

لكن في حقوق الآدميين المبنية على التحري والمشاحَّة، نقول: الأصل عدم العدالة حتى يتبين أنه عدل.

قال شيخ الإسلام: الأصل في بني آدم الظلم والجهل؛ لقوله تعالى: {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب: ٧٢]، والظلم والجهل هما السببان المنافيان للعدالة؛ لأن الإنسان لا يخالف الاستقامة، ولا يخرج عنها، إلا إما لظلمه، أو لجهله، فإن كان عالمًا وخرج عن حد الاستقامة فهو ظالم، وإن كان جاهلًا وخرج عن حد الاستقامة فهو جاهل، فالمهم أن المذهب أنه لا بد من عدالة البينة أيش؟

طلبة: ظاهرًا وباطنًا.

الشيخ: ظاهرًا وباطنًا.

استدلوا بالنص وبالنظر؛ يعني: بالأثر وبالنظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>