أما الأثر فقالوا إن الله تعالى قال:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}، والوصف بالعدالة وصف زائد على مطلق الإسلام، والأصل في الوصف العدم حتى يتبين.
وأما النظر، فقالوا: كم من إنسان ظاهره الصلاح والاستقامة، ولكن عند المعاملة والاختبار يكون غير عدل، تجده مثلا تحمله العاطفة على أن يشهد لقريبه، أو صديقه، أو على أن يشهد على عدوه، حتى إنه مثلا على حسب ظنه من شدة غيرته للدين يشهد على فاسق بما لم يقل؛ لأنه يبغض الفاسقين، فيشهد عليه بما لم يقل، ويدعي أن هذا غيرة لله عز وجل. فالمهم أنه لا بد من العدالة ظاهرًا وباطنًا.
وعن أحمد رواية أن المسلم عدل ما لم تظهر عليه الريبة، وهذه الرواية تومئ إلى أن الأصل في المسلمين أيش؟
طلبة: العدالة.
الشيخ: العدالة، حتى يتبين ما يجرحهم، ولهذا قال العلماء: إن الخصم إذا جرح الشهود كُلِّف البينة به، ولو كان الأصل العدالة لكان جرحه لا يحتاج إلى إقامة بينة؛ لأن الأصل عدم العدالة، لكن سيأتي الجواب عن هذا إن شاء الله بعد.
المهم، أن الإمام أحمد رحمه الله له رواية، عنه رواية، أن المسلم مقبول الشهادة ما لم تظهر منه الريبة نعم وهذا يومئ إلى أن الأصل في المسلمين العدالة، حتى يتبين جرحهم.
ولشيخ الإسلام رحمه الله رأي آخر في الموضوع، يقول: إن العدالة الشرعية التي يشترط فيها فعل الطاعات وترك المحرمات، ليست شرطًا في الشهود، بل من رضيه الناس في الشهادة فهو مقبول الشهادة، ويُفرَّقُ بين التحمل والأداء، فعند التحمل لا نُشهد إلا من هو عدل شرعًا وعُرفًا، حتى لا نقع في ورطة فيما بعد، وعند الأداء نقبل من يرضاه الناس، وإن لم يكن عدلًا في دينه.
فعلى رأي الشيخ تقبل شهادة الرجل المعروف بالغيبة، إذا كان مأمونًا في شهادته غير متهم، وعلى المذهب لا تقبل.
على رأي الشيخ تقبل شهادة حالق اللحية إذا كان غير متهمٍ في شهادته، وعلى المذهب لا تقبل.