على رأي الشيخ تقبل شهادة من يأكل بالسوق، في بلد لم تجرِ العادة فيه بالأكل في السوق، وعلى المذهب لا تقبل؛ لأنه خالف المروءة، فخرج عن الاعتدال.
على كل حال، كلام الشيخ رحمه الله جيد عند الضرورة إليه؛ لأنها تضيع حقوق كثير من الناس، مَنْ مِن الناس اليوم الذي لا يغتاب أحدًا؟ ! أقول: إلا من رحم الله، لكن الغيبة في الناس كثيرة جدًا! حتى في الناس الذين هم أهل خير، ويتقدمون إلى المساجد ويصلون الجماعات، ويتهجدون في الليل، تجدهم يغتابون الناس ولا يهمهم! نعم، فأقول: إن المسألة عظيمة، لو اعتبرنا العدالة التي حددها الفقهاء؛ إذ لا يخلو أحد من الناس من خدش في عدالته.
إذن: العدالة معتبرة ظاهرًا وباطنًا على المذهب إلا في مسائل محدودة كعقد النكاح والأذان، وعلى القول الثاني: المعتبر العدالة ظاهرًا فقط، إذا لم يكن .. ؟
طلبة: متهمًا بريبة.
الشيخ: متهمًا بريبة، فإن كان متهمًا بريبة فلا تقبل شهادته حتى يتبين زوال هذا الاتهام.
قال المؤلف رحمه الله:(ومن جهل عدالته سأل عنه، وإن علم عدالته عمل بها) وإن علم جرحه لم يعمل به، أحوال الشهود عند القاضي ثلاثة:
الحال الأولى: أن يجهل عدالة الشهود، وإلى هذا أشار المؤلف بقوله:(ومن جهلت عدالته سأل عنه)، إذا كان الشهود غير معلومي العدالة فإنه لا يجوز للحاكم أن يحكم بشهادتهم، ولا أن يرد شهادتهم، ماذا يصنع؟ يسأل، ويبحث.
وقد ذكر الفقهاء رحمهم الله أنه ينبغي للحاكم أن يرتب من يسألون عن حال الشهود؛ يعني: يجعل له لجنة همهم وشأنهم البحث عن حال الشهود، ليكون هذا أيسر وأسرع في الحكم، في عهدنا الآن لا يوجد هذا، لكن يمكن للقاضي بطرقه الخاصة أن يسأل عن حال الشهود إذا جهل عدالتهم.