والمسألة الثالثة ما كان في مجلس الحكم، فهذا أيضًا يحكم به.
قال: (وإن جَرَّحَ الخصمُ الشهودَ كُلِّف البينة به).
(إن جَرَّح الخصمُ الشهود) جَرَّحَهم: أي: وصفهم بما تُرَدُّ به شهادتهم. هذا الجرح؛ بأن قال: هذا يشرب الخمر، هذا يسرق، هذا يزني، وما أشبه ذلك مما تُرَدُّ به الشهادة.
(كُلِّفَ البينة به) أي: أُلْزِمَ بإقامة البينة؛ لسببين:
السبب الأول حمايةً لأعراض الناس؛ حتى لا يستطيل أحد على أحد بالجرح والسبِّ.
والثاني من أجل رفع الحكم أو من أجل منع الحكم بشهادة هؤلاء الشهود.
صح؟ لماذا يكلف البينة؟ لسببين:
السبب الأول حمايةً لأعراض الناس؛ حتى لا يتطاول الناس بعضهم على بعض.
والثاني: منع الحكم بشهادة هؤلاء الشهود.
فيقال للخصم إذا قال: والله ها دول اللي يشهدوا لفلان أنا أُجَرِّحُهم. ما تُقْبَل شهادته.
يقول له القاضي: أقم البينة على أنهم مجروحون بما تقول.
(كُلِّفَ البينة به) البينة بينة الجرح ويش تشهد؟
هل لا بد أن تشاهد ما يجرح الشهود؛ بأن يقول: أشهد أني رأيته يفعل كذا وكذا، أو يقول: كذا وكذا، أو تكفي الاستفاضة؟
طالب: تكفي الاستفاضة.
الشيخ: نقول: نعم، إما أن يشهد الجارح عن رؤية أو سماع أو مباشرة، أو عن استفاضة؛ ولهذا كثير من الناس ما نعلم عن فسقهم بما فعلوا بعينه، لكن يستفيض عند الناس أنهم فَسَقة. فللجارح أن يشهد بالاستفاضة، فإذا أتى بشهود الجرح قُبِلَت شهادة شهود الجرح ولم يحكم بشهادة الشهود في الدعوى التي ادعاها الخصم؛ لماذا؟ لانتفاء العدالة في حقهم؛ لأنه لما ثبت جرحهم انتفت عدالتهم.
قال المؤلف: (وأُنْظِرَ له) أي: لإثبات الجرح.
(ثلاثًا -ثلاثة عندي- إن طلبه) إذا قال المدعى عليه وهو الخصم: أنا أجرح هؤلاء بأنهم فسقة؛ يشربون الخمر، يسرقون، يزنون، وما أشبه ذلك. يطالب بالبينة؛ مِن: إلى.