المهم اشترط المؤلف للترجمة أن يقوم بها عدلان؛ فإذا تخاصم إلى القاضي رجلان، أحدهما يعرف القاضي لغته، والثاني لا يعرف لغته، يحتاج القاضي إذن إلى مترجم، هل يكفي مترجم واحد؟
يقول المؤلف: لا، لا بد من مُترجِمَيْنِ؛ لماذا؟ قال: لأن الترجمة شهادة، فإن المترجم يشهد بأن هذا المتكلم أراد كذا وكذا، إذن الشهادة لا بد فيها من عدلين.
قلنا: إذا قلت كذلك فاجعل الترجمة مبنية على الشهادة، وقل: إذا كانت الترجمة في أمر يحتاج إلى أربعة رجال كالزنا، فقل: لا يقبل إلا أربعة.
قال أصحابنا أهل المذهب: نعم، نلتزم بذلك، ونقول: الترجمة فيما يشترط فيه أربعة لا بد فيها من أربعة؛ لأنها مبنية على الشهادة، فالإقرار بالزنا مثلًا، إذا كان المقر لا يعرف القاضي لغته فلا بد من أيش؟
من أربعة مترجمين؛ يترجمون إقراره ليثبت عند القاضي، كما أن الزنا لا يثبت إلا بأربعة شهود، وهذا هو المشهور من المذهب.
والذي مشى عليه المؤلف قول على خلاف المذهب؛ لأن المؤلف رحمه الله مشى على أن الترجمة يكفي فيها قول عدلين مطلقًا، حتى فيما لا يقبل فيه إلا شهادة أربعة؛ لأن الترجمة شهادة ليست على الفعل الذي لا بد فيه من أربعة، بل شهادة على شيء لا بد من ثبوته ثبوت هذا القول، وثبوت هذا القول يحصل بماذا؟ بشهادة اثنين.
انتبهوا لكلام المؤلف، المؤلف يرى أن الترجمة وإن كانت في أمر لا بد فيه من شهود أربعة يكفي فيها عدلان، لماذا؟ قال: لأن الترجمة ليست شهادة على الفعل، بل شهادة يقصد بها إثبات هذا القول الصادر من المقِرِّ، وإثبات القول يكفي فيه عدلان. وما ذهب إليه المؤلف أقرب من المذهب.