وعلى القول الثاني الذي يقول: إن الضرر المانع من القسمة هو نقص القيمة بالقسمة، نقول: القسمة هنا من باب قسمة التراضي، إن رضي صاحب السدس أن يخرَّج له مئة متر، فإنا نقسم له، إن لم يرضَ فلا قسمة.
إذا كان السدس مئة متر ولا تنقص القيمة بذلك، ما تقولون؟
الطلبة: إجبار.
الشيخ: فهي قسمة إجبار على القولين جميعًا.
أيهما المذهب؟ المذهب أن الضرر هو نقص القيمة بالقسمة، ولا يلتفتون إلى الانتفاع وعدم الانتفاع، يكون الضرر المانع من الإجبار هو نقص القيمة بالقسمة.
إذا قال قائل: كيف تُجْبِرُونَه على القسمة في الحال التي ليس فيها ضرر ولا رَدّ عِوَض، ليش تجبرونه؟ يمكن أنا أحب إلي أن أبقى على شراكتي؟
نقول: لكن الثاني يقول: أنا ما أبغيك، أنا ما أريدك ولا أبغي بقربك، ولا أشوفك ولا تشوفني، ويش لون تبغيني أصير معك في مكان واحد، ماذا نقول؟
نقول للثاني: هذا أمر يحصل في البقاء على الشركة ضرر بينكما، المسْلِم ينبغي أن يكون أخَا المسلم، وأنتما في بقائكما على هذه الحال لن تزدادَا إلا عداوة وبغضاء، والشارع يحارب كل ما يوجب العداوة والبغضاء بين المسلمين، فانفصال بعضكما عن بعض أَقْوَم لدينكما وأسلَم لعِرضكما، فهذه فائدة عظيمة.
ثم إنك أنت يا صاحب السدس لم تتضرر، لا بالقيمة -إن قلنا بالقيمة- ولا بالانتفاع -إن قلنا: المدار على الانتفاع-.
(رد عِوَض).
فرضنا أن هذه أرض بين شريكين لا يمكن أن تتعدل بأجزاء ولا قيمة، إلا بِرَدّ عِوَض، يعني فيها مثلًا جبال، فيها أودية، فيها أشجار، ما يمكن نعدِّلها أبدًا بالسهام، إن قسمناها نصفين صارت الأرض هذه أحسن من هذه، إن قسمناها ثلثين، قلنا: نعطي الرديئة الثلثين، ما تعدلت أيضًا، ما تتعدل إلا إذا جعلنا للناقص عِوَضًا عن الكامل، هذه أيضًا قسمتها قسمة أيش؟ تراضٍ، إذا رضي الطرفان وإلا فلا، وإلا تبقى وتُبَاع جميعًا.