ثم انتقل المؤلف إلى القسم الثاني، وهو قسمة الإجبار، فقال:(وأما ما لا ضرر، ولا رد عِوضٍ في قسمته كالقرية، والبستان، والدار الكبيرة، والأرض، والدكاكين الواسعة، والمكيل والموزون من جنس واحد كالأدهان، والألبان ونحوهما، إذا طلب الشريك قسمتها أُجبِر الآخر عليها).
هذا القسم الثاني من قسمي القسمة: قسمة الإجبار، وسُمِّيت قسمة الإجبار؛ لأنها لا تتوقف على رضا الشركاء، بل يُجبر من امتنع، ضابطها: كُلُّ قِسمة ليس فيها ضرر، ولا رد عِوَض فهي قسمة إجبار.
وضرب المؤلف لهذا أمثلة، قال:(كالقرية).
قرية، هل يمكن أن تكون قرية بين شركاء؟ نعم، يمكن يجتمع جماعة، ويشتروا أرضًا ويخططوها ويبنوها، ثم يسكنها الناس، فتكون هنا قرية بين شركاء، هذه القرية كبيرة يمكن أن يقول الشريك لشريكه: لك النصف هذا، ولي النصف هذا.
كذلك أيضًا:(البستان) البستان الكبير الذي إذا قسم لا يتضرر أحد بقسمته؛ بحيث لو قسمناه ما تنقص قيمته على القول بأن الضرر هو نقْص القيمة، أو بحيث إذا قسمناه لم يفت الانتفاع بما قُسم، على القول الثاني الذي يقول: إن الضرر هو فوْت الانتفاع.
يقول:(الدار الكبيرة)، الدار الكبيرة تنقسم بلا ضرر؟ نعم، تنقسم بلا ضرر، لكن بشرط أن تكون حجراتها متساوية، أما لو كانت حجراتها غير متساوية، مثل أن يكون بعضها مجلسًا للرجال، وبعضها مطعمًا لهم، والبعض الآخر مطبخ، والبعض الثاني صالة للنساء، وهذه لو قُسمت لحصل الضرر، ولو جُعل أحدهما للآخر لاحتاجت إلى رد عوض. فهنا نقول: القِسْمة قِسمة تراضٍ، إنما لو كانت دارًا كبيرة يمكن أن نقسمها، وفي كل جانب منها منافعه، فالقسمة قسمة إجبار.
كذلك:(الأرض) الواسعة (والدكاكين الواسعة) يمكن قسمتها بلا ضرر؟
طالب: نعم، يمكن.
الشيخ: طيب، كذلك:(المكيل والموزون من جنس واحد، كالأدهان، والألبان، ونحوهما).