أما إذا كان الضرر كبيرًا بحيث يتأثر عِرْضه، وتسقط عدالته عند الناس، وما أشبه ذلك، فقد يُسلَّم كلام المؤلف رحمه الله، فالعِرْض إذن فيه تفصيل؛ إذا كان الضرر محققًا وكبيرًا، فهذا قد يُسقط الواجب من أداء الشهادة أو تحملها، إذا كان الضرر ليس كبيرًا، أو قد لا يوجد ضرر أبدًا، مثل أن يكون انتهاك العِرْض من المشهود عليه، فإن ذلك لا يمْنع من وجوب الشهادة تحملًا أو أداء.
فالشروط إذن ثلاثة: أن يُدْعى إليها، وأن يكون قادرًا، وانتفاء الضرر.
قال:(وكذا في التحمل)، يعني أنه يشترط انتفاء الضرر.
وهل يُشترط القدرة في التحمَّل؟ نعم، يشترط، فلو دعاك شخص لتشهد له وأنت لا تستطيع، أو أنت مريض، أو تخشى إن ذهبت أن يضيع مالك، أو ما أشبه ذلك، فلا يلزمك.
لكن (متى دُعي إليها) هل يُشترط أن يُدعى إليها في التحمل أو لا يشترط؟ يعني هل يُشترط أن أدعوك وأقول: تعالَ اشهد على نُطق فلان أو على فِعْل فلان، أو لا يُشترط، بحيث إنك إذا سمعت أو رأيت وجبَ عليك أن تتحملَ؟
طالب: لا يشترط.
الشيخ: الظاهر الثاني، وأن الإنسان متى رأى أو سمع وجب عليه أن يحفظ ما سمعه أو شهده من أجل أن يؤديه إذا دُعِيَ إلى ذلك.
قال المؤلف:(ولا يحل كتمانها) أي: كتمان الشهادة؛ لما سبق من قوله تعالى:{وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ}[البقرة: ٢٨٣].
ولا يَحِلُّ كِتمانُها، ولا أن يَشهدَ إلا بما يَعْلَمُه برؤيةٍ، أو سَماعٍ، أو استفاضَةٍ فيما يَتَعَذَّرُ عِلْمُه بدونِها كنَسَبٍ وموتٍ ومِلْكٍ مُطْلَقٍ ونِكاحٍ، ووَقْفٍ ونحوِها، ومَن شَهِدَ بنِكاحٍ أو غيرِه من العُقودِ فلا بُدَّ مِن ذِكْرِ شُروطِه، فإن شَهِدَ برَضاعٍ أو سَرِقَةٍ أو شُرْبٍ أو قَذْفٍ فإنه يَصِفُه، ويَصِفُ الزنا بذِكْرِ الزمانِ والمكانِ والْمَزْنِيِّ بها، ويَذْكُرُ ما يُعْتَبَرُ للحُكْمِ ويُخْتَلَفُ به في الكُلِّ.