للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المسحور مثله، ما دام فاقد العقل بأي شيء من الأسباب فإنه لا تُقْبَل شهادته؛ لا تحملًا، ولا أداءً.

(الثالث: الكلام) وهو النطق، وضده: الخرس.

اشْتُرِطَ الكلام؛ لأن الشهادة تحتاج إليه في حال الأداء، وإذا لم يكن متكلمًا كيف يؤدي؟ !

فإن قلت: يؤدي بالإشارة، قلنا: الإشارة لا تعطي الأمر اليقيني، والشهادة يُشْتَرط فيها اليقين؛ ولهذا قال المؤلف: (فلا تُقْبَل شهادة الأخرس) وهو الذي لا ينطق، والغالب أن الأخرس لا يسمع، هذا الغالب، وعلى هذا فلا يمكن أن يشهد بالمسموع؛ لأنه لا يسمع، لكن يمكن يشهد بالمرئي؟ يمكن، ومع ذلك لا تُقْبَل شهادته ولو فُهِمَت إشارته إلا إذا أداها بخطه.

وقول المؤلف: (ولو فُهِمَت إشارته) (لو) هذه إشارة خلاف؛ فإن من أهل العلم من يقول: إذا فُهِمَت إشارة الأخرس فإنها تُقْبَل؛ لأن الشارع اعتبر الإشارة في الأمور كلها، كما ذكر ذلك البخاري في ترجمة له، كل الأمور يمكن أن تدخل فيها الإشارة؛ العبادات والمعاملات وكل شيء، فإذا فُهِمَت الإشارة حصل اليقين.

أرأيتم لو قيل للأخرس: أتشهد أن لهذا على هذا عشرة ريالات، فقال هكذا برأسه؟ يقين هذا ولَّا غير يقين؟

هذا يقين، كما لو نطق هو، فالقول بأن اليقين يتعذر في شهادة الأخرس غير صحيح، بل اليقين يمكن أن يُتَيَقَّن حتى في شهادة الأخرس، وحتى لو لم نقل: عنده عشرة، لو قال -يشير-: لهذا على هذا، ثم قال: عشر مرات، وأيش نفهم؟

طلبة: مئة ريال.

الشيخ: مئة ريال.

طالب: ما قال: ريال.

الشيخ: آه، بس بقينا يمكن يقول الواحد: مئة قرش أو مئة دينار، يُجَاب ريال، ويشار له به، وتُفْهَم الإشارة.

المهم أن القول الراجح المتعين: أن شهادة الأخرس تُقْبَل إذا فُهِمَت إشارته.

ويدل لذلك أننا لو قلنا: لا تُفْهَم، ضاع الحق، ومشكل، نحن عندنا جانبان في الواقع: جانب المدعى عليه وجانب المدعي.

فلو قال قائل: إذا عملت بشهادة الأخرس أضررت المدعى عليه؛ لأنك حكمت عليه بما لا يُتَيَقَّن؟

<<  <  ج: ص:  >  >>