للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نقول: وإذا لم نقبل شهادته أضررنا بجانب مَنْ؟ بجانب المدعي، فأهملنا حقه، فعندنا الآن جانبان كلاهما لا بد من مراعاته، فإذا فُهمت إشارة الأخرس فما المانع من قبولها؟ ! الحقيقة أنه لا مانع، وأنه يتعين على القاضي وعلى غير القاضي ممن حكم بين الناس أن يحكم بشهادة الأخرس إذا فُهِمَت إشارته؛ ولهذا قال المؤلف: (إلا إذا أداها بخطه) إذا أداها بخطه فإنها تُقْبَل؛ لأن الخط يفيد اليقين ويعمل به شرعًا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ»، (١) وفي القرآن الكريم قال الله تعالى: {وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ} [البقرة: ٢٨٢]، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقيم بالكتابة الحجة على القبائل، بإرسال الكتاب إلى رؤساء القبائل يدعوهم إلى الإسلام، فإن أجابوا، وإلا قاتلهم (٥).

إذن فالكتابة حجة شرعية بالقرآن والسنة، فهذا الأخرس إذا أدى شهادته بخطه نقبلها؛ لأن الخط يفيد اليقين، وهذا واضح، فصار الأخرس له ثلاث مراتب:

ألَّا يكون ممن تُفْهَم إشارته ولا كتابته، فهذا لا تُقْبَل، قولًا واحدًا؛ للشك في مدلول هذه الشهادة.

ثانيًا: أن يكون ممن يُعْرَف خطه ويؤدي الشهادة بخطه، فهذا يُقْبَل، قولًا واحدًا.

الثالث: أن يكون ممن تُعْرَف إشارته وتُفْهَم، فهذا محل خلاف بين العلماء؛ فالمشهور من المذهب أنها لا تُقْبَل، والصحيح الذي لا شك فيه أنها تُقْبَل.

<<  <  ج: ص:  >  >>