على كل حال مثل لو قال قائل بخلق القرآن، وأن القرآن مخلوق بائن من الله عز وجل، فإن كثيرًا من السلف أطلق عليه القول بالكفر، وقال: إنه إذا قال: إن القرآن مخلوق فقد كذَّب قول الله تعالى: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ}[النساء: ١٦٦]، فجعله -سبحانه وتعالى- نازلًا بالعلم لا مخلوقًا بالقدرة، وإذا كان نازلًا بالعلم لم يكن مخلوقًا بالقدرة، وإذا قلنا: إنه مخلوق صار تكذيبًا لقوله تعالى: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ}، وحينئذٍ يكون كافرًا.
كذلك من قال: إن الله تعالى بذاته في كل مكان، فهذا كافر ولا شك في كفره، فيكون الذي يقلده في هذا فاسقًا بشرط أن يعرض عليه الحق، ولكنه يصر ويتعصب لرأي متبوعه.
كذلك من قال: إن الله سبحانه وتعالى ليس فوق، ولا تحت، ولا يمينًا، ولا شمالًا، ولا متصلًا، ولا منفصلًا، فهو أيضًا كافر؛ لأن هذا حقيقة العدم.
المهم أننا نتتبع أقوال أهل العلم في البدعة الْمُكَفِّرة، فإذا صار الإنسان المجتهد الذي نصب نفسه للفتوى والتعليم يقول بهذه المكفرة، فالمقلد له بعد أن يُعرض عليه الحق يكون فاسقًا.
طالب: دون الكفر يا شيخ الفسق؟
الشيخ: نعم.
الطالب: الفسق دون الكفر؟
الشيخ: إي، ما فيه شك ( ... ).
***
(الثاني: استعمال المروءة)(الثاني) مما يعتبر في العدالة: (استعمال المروءة)، ما هي المروءة؟
المروءة: التخلق بالأخلاق الفاضلة، وإن كان في الشرح يقول: المروءة هي الإنسانية، أن يكون الإنسان متخلقًا بالأخلاق التي ليس عليه فيها مثلب، ولا أحد ينتقده، وهذه ترجع للدين ولَّا للعادة؟ هذه ترجع للعادة، وقد يكون بعضها دينًا، لكن أصلها العادة.
فالمروءة هي ما تعارف الناس حسنه؛ هذه المروءة: ما تعارف الناس حسنه أو على حسنه فهي مروءة، وما تعارفوا على قبحه فهو خلاف المروءة.