فإن استرعاه غير الأصل؛ بأن قال صاحب الحق لشخص: تعال اسمع شهادة فلان بحقي على فلان، ثم جاء وشَهِدَ الشاهد بحق فلان على فلان، وتوفي أو غاب، فله أن يشهد أو لا؟
طالب: له أن يشهد.
طالب آخر: لا.
الشيخ: على المذهب ليس له أن يشهد؛ لأن شاهد الأصل لم يسترعه.
وعلى القول الثاني: له أن يشهد، بل القول هنا أقوى من القول بما إذا لم يسترعِه أحد، فصارت الصور الآن ثلاثًا:
الصورة الأولى أن يسترعيه شاهد الأصل، وفي هذه الصورة له أن يشهد قولًا واحدًا.
الصورة الثانية أن يسترعيه صاحب الحق؛ يعني: لا الشاهد، وهذه على المذهب لا تجوز، وعلى ما اختاره صاحب المغني والكافي والشرح تجوز؛ يعني: الموفَّق وابن أخيه عبد الرحمن بن أبي عمر: تجوز.
والثالث ألا يسترعيه أحد، لكنه يسمع أن فلانًا يشهد، ففي هذه الحال فيها خلاف، لكن الخلاف فيها أضعف من الخلاف في المسألة الثانية.
والذي يظهر أن القول الأخير الثالث أنه يجوز أن يشهد، لكن لا يقول: أَشْهَدَني فلان، وإنما يقول: أشهد على شهادة فلان بكذا وكذا. لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان، وهذا ما شهد بباطل، قال: أشهد أن فلانًا يشهد على فلان بكذا وكذا. وأحيانًا ربما لا نجد ما يثبت الحق إلا هذه الشهادة.
قال المؤلف رحمه الله:(ولا يجوزُ لشاهدِ الفَرْعِ أن يَشهدَ إلا أن يَسترعيَه شاهدُ الأصلِ، فيقول: اشْهَدْ على شَهادتي بكذا).
من يقول: اشهد على شهادتي؟ شاهد الأصل يقول: اشهد على شهادتي بكذا، أو يقول: اشهد أني أشهد على أن لفلان على فلان كذا، أو ما أشبه ذلك من العبارات، المهم أن يأتي بلفظ يدل على أنه حمَّله الشهادة، يدل على أنه -أي: شاهد الأصل- حمَّل شاهد الفرع الشهادة.
وهل يشترط أن يكون الفرع رجلين فأكثر على أصل واحد أو يكفي على كل أصل فرع؟
نقول: يكفي على كل أصلٍ فرع؛ فزيد وعمرو أصلان، يشهد على زيدٍ بكرٌ، وعلى عمرٍو خالدٌ. يجوز ولَّا لا؟ يجوز.