ممكن: رجل ( ... ) زيد وعمرو، فطلب القاضي من زيد وهو المدعِي بينة، فأتى بشاهد عند القاضي، وشهد بأن لزيد على عمرو كذا وكذا، وهذا رجل حاضر، لم يحكم القاضي، وتفرَّق الخصمان، ومات الشاهد أو تغيب، فهل لمن سمعه يشهد بها عند القاضي أن يشهد؟
يقول المؤلف: نعم، إذا سمعه يقرُّ بها عند الحاكم فليشهد؛ لأن احتمال أن يكون المشهود عليه قد برئ بعيدٌ؛ السبب أنه بعيد لأنهم وصلوا إلى القاضي، كيف يكون برئ منه وهو يشهد عند القاضي والقاضي لمَّا يحكم بعد؟
إذن هذه مسألة؛ الأول الاسترعاء، والثاني أن يسمع شاهدُ الفرع شاهدَ الأصل يشهد بها عند مَن؟ عند الحاكم؛ يعني: عند القاضي.
شيء ثالث: (أو يَعْزوها إلى سبب)؛ يعني: يسمع شاهدُ الفرع شاهدَ الأصل يشهد بأن لفلان على فلان مئة ريال ثمن ناقة؛ بعير يعني، ثمن بعير.
إذن الأصل شهد وعزا شهادته إلى سبب، ما هو؟ أنه ثمن بعير، شراء الناقة؛ إذن يجوز أن يشهد؛ لأنه لما عزاها إلى سبب ثبتت بهذا السبب، والأصل عدم زوال السبب، الأصل بقاؤه.
فصار الآن هذا الشرط لا بد فيه من أحد أمور ثلاثة؛ هي: الاسترعاء، السماع عند القاضي، أن يعزوها إلى سبب؛ يعزوها أي: شاهد الأصل يعزو شهادته إلى سبب.
قال المؤلف: (مِنْ قرض أو بيعٍ أو نحوِه).
(قرض) بأن يَسْمَع شاهدُ الفرع شاهدَ الأصل يقول: أشهد أن لفلان على فلان ألف درهم قرضًا، ثم مات الشاهد، فهل لمن سمعه أن يشهد بشهادته؟
الجواب: نعم؛ لماذا؟ لأنه عزاها إلى سبب، قال: قرضًا.
أشهد أن لفلان على فلان ألف درهم ثمن بعير، يشهد؟
طلبة: نعم.
الشيخ: لأنه عزاها إلى سبب.
أشهد أن لفلان على فلان ألف درهم أجرة بيت؛ يشهد.
***
يقول رحمه الله: (وإذا رجع شهود المال بعد الحكم لم يُنقَض، ويلزمهم الضمان دون مَنْ زكَّاهم).