للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إذا رجع شهود المال) يعني: الذين شهدوا بمال لشخص على آخر، رجعوا بعد أن شهدوا، فلا يخلو إما أن يكون قبل الحكم أو بعد الحكم، قبله أو بعده، وهناك حال ثالثة: بعد الاستيفاء؛ فهنا الآن ثلاث حالات: قبل الحكم، بعده وقبل الاستيفاء، بعد الاستيفاء؛ يعني بعد الحكم والاستيفاء.

إذا رجعوا قبل الحكم، فهؤلاء لا ضمان عليهم ولا يُحكَم بشهادتهم؛ مثل: أن يَدَّعي زيد على عمرٍو عشرة آلاف ريال، ويقول: مَنْ شهودك؟ فيقول: عندي شهود اثنان؛ يقوله زيد، وأتى بالشاهدين عند القاضي، ولما صار القاضي يكتب شهادتَهما رجعا، كأنهما كانا شاهدي زور، ثم لما رأيا أن الأمر خطير تراجعا، المهم: رجعا عن الشهادة قَبْلَ حكم القاضي فقالا مثلًا: توهَّمنا أو نسينا أنه قد أوفاه مثلًا، أو ما أشبه ذلك، المهم أن يرجعا لأي سبب كان، فهنا لا يجوز للقاضي أن يحكم بشهادتهما، ولكن هل يُعزَّر هذان الشاهدان الراجعان؟

طالب: حسب شهادتهما.

طالب آخر: يُنْظَر.

الشيخ: يُنْظَر؛ لأنهما قد يتوهمان بأن زيدًا هو الذي شهدا له وهو عمرو، قد ينسيان، المهم إذا لم يُعْلَم أنهما شهدا بزور فلا يُعزَّران.

شهدا بالمال وحكم القاضي بشهادتهما، وقال للمدعِي: حَكمتُ لك على خصمك بكذا وكذا، ثم رجع الشاهدان، فهنا لا يُنقَض؛ لأنه تم.

ولو أننا نقضنا أحكام الحكَّام بمثل هذا لصارت أحكام الحكام لُعبة، لا سيما في زمننا الحاضر، لكان كُلُّ مَنْ حُكِمَ عليه يذهب إلى الشاهدين، ويقول: تعالا، فلان معطيكم شيئًا؟ قالا: لا، ما أعطانا شيئًا، لكن شهدنا بالحق، قال: أنا بأعطيك مثلًا كذا وكذا من الدراهم، فلما قال هذا الكلام تراجعا عن الشهادة، يمكن هذا؛ يعني: كما يمكن لشهداء الزور أن يشهدوا بما لم يكن، يمكن أن يرجعا عما شهدا به.

أقول: لو أننا نقضنا الحكم برجوع الشهود لصارت أحكام القضاة ألعوبة بيد الشهود، فلا يُنْقَض الحكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>