قال المؤلف:(دون من زكَّاهم)، يعني: أما مَن زكَّى الشهود فلا يضمن، لماذا؟ لأن المباشِر للتلف أو الغُرم مَنْ؟ الشهود هم المباشرون؛ ولهذا المزكون يقولون: نحن ما نشهد بهذا، لكن نزكي الشهود.
مثاله: ادعى زيد على عمرو بألف ريال، وتحاكما عند القاضي، وشهد شاهدان بأن زيدًا له على عمرٍو ألف ريال، لما أدلى الشاهدان بشهادتهما قال القاضي: من يزكِّيكما؟ فجاء رجلان فزكَّياهما، ثم حكم القاضي، ثم رجع الشهود. من الذي يُضمَّن؟ الشهود. والمزكون لا يضُمَّنون؛ لأن الحكم إنما حصل مباشرة بشهادة الشهود، أما المزكون يقولون: كيف تضمنوننا؛ إحنا ما شهدنا؟ ! إحنا شهدنا بأن هؤلاء مزكون، ونحن لا زلنا نشهد بذلك، وحينئذٍ يكون الضمان على الشهود قال:(دونَ من زَكَّاهم).
الضمان على الشهود، لكن لو فُرِضَ أن المشهود له صَدَّق الشهود، فهل يرجع عليهم؟ يعني: مثلًا المشهود له شهد عليه الرجلان.
طلبة:( ... ).
الشيخ: لا، المشهود له شهد له الرجلان، ثم لما شهد له الرجلان حُكِمَ له، ثم رجعا وصدَّقهما في الرجوع، المشهود له صدقهما في الرجوع؛ فالمال الذي حُكِمَ له به يكون حرامًا عليه بإقراره، وحينئذٍ لا يرجع.
لو قال: نعم، أنا أشهد أن شهادتكما هي صحيحة. نقول: إذن لا ترجع عليهما؛ لأنك الآن صدقتهما بماذا؟ بالرجوع، هو أقرَّ بصحِّة رجوعهما؛ إذن ليس عليه شيء، يعني: لا يرجع عليهما.