أما مَنْ مرضه غير مخوف كصداع يسير، وزكام، رشح، وما أشبه ذلك، فهذا تصرفه كتصرف الصحيح تمامًا، في كل شيء، في الإقرارات، في البيوع، في الوقف، في الرهن، في كل شيء، من هذا؟ الذي مرضه غير مخوف؛ لأن هذا الإنسان المتصرف يتصرف وهو يشعر بأنه حي لا أنه ميت أو قريب من الموت، الذي مرضه مَخُوف، هذا هو الذي محَدَّد، تصرفه محدود، لا يتصرف بأزيد من الثلث على سبيل التبرع، لا يتصرف بأكثر من الثلث على سبيل التبرع، ولا يتصرف لوارث، لا يعطي أحدًا من الورثة؛ لأنه في حكم الميت، فهو المراد بقول الرسول عليه الصلاة والسلام:«خَيْرُ الصَّدَقَةَ أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَأْمَلُ الْبَقَاءَ وَتَخْشَى الْفَقْرَ، وَلَا تَمَهَّلَ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ قُلْتَ: لِفُلَانٍ كَذَا، وَلِفُلَانٍ كَذَا، وَلِفُلَانٍ كَذَا، وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ»(٧)، الذي مرضه غير مخوف نقول: إنه ليس كالذي مرضه مخوف؛ لأن الثاني تصرفه مقيَّد.
إذا أقر المريض، والمراد بقول المؤلف:(إذا أقر في مرضه) المراد: المرض المخوف، بدليل الاستثناء الآتي.
(فكإقراره في صحته): إذا أقر بدين عليه أثبتناه، إذا أقر ببيع أثبتناه، إذا أقر بإجارة أثبتناه، إذا أقر برهن أثبتناه، وهكذا كل ما يقر به، إقراره كإقرار الصحيح، استثنى المؤلف قال:(إلا في إقراره بالمال لوارث فلا يقبل).
إذا أقر لوارثه بمال فإنه لا يقبل، سواء كان هذا الوارث يرث بفرض، أو تعصيب، أو رحم، أو ولاء، بل الولاء داخل بفرض التعصيب، المهم سواء كان بفرض أو تعصيب، وسواء كان بسبب الزوجية، أو القرابة، أو الولاء، أي وارث ما يقبل إقراره له بالمال.