للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طيب، إذا كان الْمُقِرُّ حيًّا -وهو حيٌّ كما قُلنا: إنه مُقِرٌّ- ولكن الْمُقَرَّ به ميِّتٌ، فهل يَرِثه أمْ لا؟

يقول المؤلف: (وإنْ كان ميِّتًا ورِثَهُ). وإنما نَصَّ على ذلك مع أنه إذا ثَبَتَ النسبُ ثبتَ الإرث؛ لأن مِن العلماء مَن يقول: إنه إذا كان ميِّتًا لا يرثه. ليش؟ لأنه متَّهم؛ هذا رجلٌ مجهولُ النسبِ ولا يُعرف له نسبٌ، مات وخَلَّفَ خمسين مليون ريال، جاءك رجلٌ بعد موته قال: يا جماعة، هذا أخٌ شقيقٌ لي، ما لي فيه مُنازع، يلَّا أعلِنوا بكلِّ الصُّحُف، كلِّ وسائل الإعلام. إن جاء أحدٌ، يقول المؤلف: يَثْبت النسبُ ويَرِثه.

هذا متَّهم ولَّا غير متَّهم؟

الطلبة: متَّهم.

الشيخ: متَّهم غاية الاتهام؛ أعتقد لو لم يُخلِّفْ إلَّا الكفنَ ما قال: إنه أخي. يخشى أنْ ينقص الكفن ويُلْزم بتتميمه، لكن إذا كان خلَّف خمسين مليون ريال ففيه اتِّهامٌ قويٌّ.

لكن يقولون رحمهم الله: الإرث هنا فرعٌ عن النسب، والشارع يتشوَّف إلى ثبوت النسب وعدم ضياع الأنساب، ولهذا مِن حفْظِ الأنساب قال: «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» (١)، حتى لو كان الإنسانُ يغلب على ظنه أن هذا الولد من الزنى وهي ذاتُ زوجٍ فهو لزوجها.

فقالوا: إن الإرث فرعٌ عن ثبوت النسب، والشارع له تشوُّفٌ إلى إلحاق الناس بأنسابٍ معلومةٍ حتى لا يكون الناسُ أولاد زِنًى وأولاد بِغاء.

لكن القول الثاني؛ يقول بعضُ أهل العلم: إنه إذا كان ميِّتًا لا يَرِثه؛ لأنه متَّهم، لا سِيَّما إذا كان يشاهده كلَّ يومٍ وليلةٍ وربما لا يسلِّم عليه، وليس بينهما صِلَة ولا يَعْرف بعضُهما الآخَر، وهو يشاهده في اليوم والليلة، ثم لَمَّا مات جاء إلينا يقول: هذا أخي؛ لأنَّا نقول: أين أنت هذه المدة؟ ! ما عرفْتَه إلا لَمَّا مات وخَلَّف هذا المال العظيم جئتَ تقول: إنه أخي.

<<  <  ج: ص:  >  >>