للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعض أهل العلم: بل إنه يكون مُقِرًّا مدَّعِيًا، فيَلْزمه ما أَقَرَّ به، ويُطالَب بالبيِّنة بما ادَّعاه. يكون مُقِرًّا بماذا؟ بالألْف، ومدَّعِيًا بالقضاء، فيقال: أنت الآن لَزِمك الألْف بإقرارك، وهاتِ بيِّنةً على أنك قضيتَه. وهذا قول أبي الخطاب من أصحاب الإمام أحمد رحمه الله، ولكن المذهب في هذا أصحُّ، وحجَّتهم ما سبق، ولهذا قال المؤلف:

(ما لم تَكُنْ بيِّنةٌ أو يعترف بسَبَبِ الحقِّ)، فحينئذٍ يكون مدَّعِيًا للقضاء، إنْ أَتَى ببيِّنةٍ وإلَّا لَزِمَه الألْف؛ لأن الألْف هنا ثبت بماذا؟

طلبة: بالإقرار.

الشيخ: ببيِّنة؛ يعني جاء شهود يشهدون بأن فلانًا استقرضَ من زيدٍ ألْفَ ريالٍ، ثم قال زيد: كان له عليَّ وقضيتُه. نقول: الآن لا نقبل قولَك، ليش؟ لأن الأصل ثَبَت ببيِّنة، فعليك البيِّنةُ أنك قضيتَه، أمَّا في الصورة الأولى فلم يثبت الأمرُ إلا من قِبَلك، فلا يَلْزمك إلا ما أقررتَ به.

(أوْ يَعترِف بسَبَبِ الحقِّ) فيقول: كان له عليَّ ألْفٌ قرضًا. فنقول: الآن إذا قلتَ: وقضيتُه، يَلْزمك الألْف؛ لأنك أقررتَ بشيءٍ يوجب الدَّين، وهو القرضُ، أو ثَمَنُ المبيعِ، أو أُجْرةُ البيتِ، أو ما أشبهَ ذلك، فصارت هذه المسألة لها ثلاث صور:

الصورة الأولى: أن يقول: كان له عليَّ ألْفٌ فقضيتُه. ولا يَثْبت ببيِّنة ولا يعزوه إلى سببٍ، فهُنا القول قولُه بيمينه أنه قضاه.

الصورة الثانية: أن يَثْبت أصلُ الألْف ببيِّنةٍ ثم يدَّعِي القضاءَ، فلا يُقبل إلا ببيِّنةٍ؛ لأن الأصل ثبت بغير إقراره.

<<  <  ج: ص:  >  >>