ثانيًا: أنه إذا جعل ينظر إلى الكعبة فالناس يطوفون حولها، سوف يشوشوا فكرَه، فالصواب أنه لا ينظر للكعبة.
وقول بعضهم: إن النظر للكعبة عبادة، غير صحيح، من قال: إن النظر للكعبة عبادة؟
نعم لو فُرِضَ أن الإنسان جلس ينظر للكعبة ويتأمل تعظيم هذا البيت، هذا يكون العبادة، ما هو بالنظر المجرد، ولكن بالنظر المقرون بالتأمل.
إذن (ينظر مسجده)، نقول: يُسْتَثْنَى من ذلك المأموم خلف إمام يسترشد بالنظر إليه.
يُسْتَثْنَى من ذلك الكعبة؟
طلبة: لا.
الشيخ: لا، وقال بعض العلماء: لا ينظر إلى موضع سجوده، بل ينظر تلقاء وجهه حال قيامه، وينظر إذا ركع قدميه، يعني كأنهم يقولون: دع النظر على طبيعته، وأنت إذا تركت النظر على طبيعته، أين تنظر؟ تلقاء وجهك، وإذا ركعت؟
طالب: أسفل.
الشيخ: أسفل، يعني كأنهم يقولون: إنه ليس هناك عبادة مخصوصة في النظر.
يُسْتَثْنَى من ذلك أيضًا، في حال الإشارة في التشهد، الإشارة في التشهد، كان بَصَرُ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يتجاوز إشارته (١٣).
يعني مثلًا: إنسان واضع يده على فخذه، أو على رأس الركبة، سوف يشير إذا دعا، كلما دعا أشار بأصبعه، هكذا، مثلًا يقول: رب اغفر لي، اللهم صلِّ على محمد، يشير، في حال الإشارة انظر إلى أصبعك؛ لأن هذه الإشارة إلى علو الله عز وجل، فيجتمع الآن الإشارة بالإصبع إلى علو الله، واتباع القلب لهذه الإشارة، فيستحضر علو الله عز وجل.
قال رحمه الله:(ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك) إلى آخره.
وهذا هو الاستفتاح، واعلم أن الاستفتاح ورد على صفات متعددة، وسيأتينا إن شاء الله بعد أن نفسر الدعاء، «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ»(١٤).