وقوله:(كلب أسود) يعني لونه السواد، (بهيم) أي: خالص السواد ليس مع هذا اللون شيء؛ لأن البُهم تطلق بمعنى العدم، ومنه الحديث أن الناسَ يُحْشَرُونَ يومَ القيامةِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا (٣٤) بهمًا يعني ليس معهم شيء، فالبهيم معناه أنه ليس مع سواده لون آخر.
وقوله:(فقط) التفقيط هنا ليخرج المرأة والحمار، فعلى هذا يكون ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله أن المرأة والحمار لا تبطل الصلاة بمرورهما، بل الكلب الأسود البهيم، واستثنى بعض العلماء من البهيم ما كان فوق عينيه نقطتان بيضاوان؛ فإن هذا لا يضر، بمعنى أنه يقال: إنه بهيم ولو كان فيه هاتان النقطتان؛ لأنه لو سألت الناس: ما تقولون في هذا الكلب؟ لقالوا: أسود.
وقوله:(فقط) هذا ما ذهب إليه المؤلف وهو المذهب، والصواب أن الصلاة تبطل بمرور الكلب الأسود والمرأة البالغة والحمار، سواء كان صغيرًا أو كبيرًا، أسود أو غير أسود.
المرأة لا بد فيها من أن تكون بالغة؛ لأنه في بعض ألفاظ الحديث:«الْمَرْأَةُ الْحَائِضُ»(٣٥) يعني: التي بلغت سن المحيض، وعليه فالذي يبطل الصلاة ثلاثة: الكلب الأسود البهيم، والثاني المرأة البالغة، والثالث الحمار مطلقًا.
فإذا قال قائل: ما الحكمة من هذا؟ لماذا تبطل الصلاة بمرور هذه الأشياء؟
الجواب: أن بعض العلماء يقول: إن ذلك تعبدي، أي: نتعبد لله به وإن لم نعرف الحكمة، ولا شك أن هذه علة صحيحة - علة التعبد لله - لا شك أنها علة صحيحة، ولهذا لما سُئلت عائشة: ما بال الحائض تقضي الصوم دون الصلاة؟ قالت: كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة (٣٦).