وقوله رحمه الله:(واجبانِ على الحر) أما وجوب الحج على مَن اتصف بهذه الصفات فهو بالإجماع، ولا إشكال فيه، وأما العمرة ففيها خلاف؛ فمن العلماء من قال: إنها سنة مطلقًا، ومنهم من قال: إنها واجب مطلقًا على أهل مكة وغيرهم، ومنهم من قال: إنها واجبة على غير أهل مكة، وأما أهل مكة فلا عمرة عليهم، فالأقوال إذن؟
طلبة: ثلاثة.
الشيخ: ثلاثة، وظاهر النصوص أنها واجبة على أهل مكة وغيرهم.
يقول رحمه الله:(فإن زال الرِّقُّ والجنون والصِّبَا في الحج بعرفة، وفي العمرة قبل طوافها صح) أي: النسك (فرضًا).
لما ذكر الشروط، من شروطها الحرية، فإن تحرَّرَ العبد في أثناء النسك فهل يُجْزِئه عن حجة الإسلام؟
نقول: إن تحرَّر قبل الوقوف، أي: قبل فَوَات زمنه انقلب حجه فرضًا، مع أنه كان حين شَرَعَ فيه نفلًا، لكن الحج لا نظير له في اختلاف النية بدون أن ينوي الفاعل، فهنا نقول: حج أوله نفل وآخره فرض، وذلك فيما إذا تحرَّر العبد قبل فوات زمن الوقوف، حتى لو تحرَّر قبل طلوع الفجر يوم العيد بدقيقة واحدة ووقف أجزأه عن الفريضة.
كذلك لو زال الجنون، وهنا نسأل: كيف يزول الجنون؟ نقول: هذا عاقل أَحْرَمَ بالحج، ثم جُنَّ -والعياذ بالله- ثم زال الجنون قبل أن يفوت وقت الوقوف فوقف، فهنا نقول: هذا شخص زال جنونه في أثناء الحج، فيكون حجه أيش؟ يكون حجه فرضًا، وهذا مبني على القول بأن الجنون لا يُبْطِل الإحرام.
وأما مَن قال: إن الجنون يبطل الإحرام، فلا بد من تجديد النية، أي: نية الحج.
وهذه المسألة -أعني إذا طرأ الجنون على مَن تلبس بحج أو عمرة- فيه قولان للعلماء؛ القول الأول: أنه يبطل؛ لأن الرجل صار الآن أيش؟ من غير أهل القربى؛ إذ إنه زال عقله.
ومنهم من قال: إنه لا يبطل، بل يبقى مُحْرِمًا ويكون كالْمُحْصَر إذا دام جنونه حتى تم وقت الحج.