أما العبد فإنه يصح منه نفلًا إذا أذن له سيده فيه؛ لأنه بالغٌ عاقل، فصح منه النسك، لكن لا يكون فرضًا؛ لأنه لم يجب عليه الفرض حتى الآن، فإذا قدمه على شرط الوجوب لم يصح كتقديمه على سبب الوجوب.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يصح من العبد فرضًا إذا أَذِنَ له فيه سيده؛ لأن العبد في الأصل أهل للتكليف، وإنما أسقطنا عنه الحج لكونه لا يملك نفسه، وليس له مال، فإذا أذن له سيده واستصحبه معه في السفر يخدمه وهو بالغ عاقل فالمذهب يقولون: إن حجه يقع نفلًا، وعليه إذا عتق أن يأتي بالفرض.
وهذا مبني على صحة الحديث -إن صح الحديث- أن مَنْ حج وهو رقيق ثم عتق لزمه حجة أخرى (٤)، فعلى كل حال لا قول لنا بعد قول الرسول صلى الله عليه وسلم.
وإن لم يصح فالرأي أنه إذا أذن له سيده بالحج فإن حجه يقع فرضًا ما دام بالغًا عاقلًا؛ إذ إن العلة التي من أجلها لم نلزمه بالحج قد زالت، العلة قد زالت وهو أهل للتكليف.
وقوله:(من الصبي والعبد نفلًا)، بالنسبة للصبي واضح أنه نفل؛ لأنه ليس من أهل التكليف، فهل إذا تحلَّل الصبي من النسك بعد الشروع فيه هل يصح تحلله؟ أو نقول: إن الحج والعمرة إذا شَرَعَ فيهما الإنسان ولو كان نفلًا وجب عليه الإتمام.
المذهب الثاني: أنه إذا شرع الصبي في الحج أو العمرة لزمه الإتمام، وذلك لأنه يلزم الْمُضِيُّ في نفلهما من المكلَّف فلزم المضي في نفلهما من غير المكلَّف، هذا قول.
القول الثاني: أنه لا يلزمه –أي: الصبي- أن يتم ما شرع فيه من حج أو عمرة؛ لأنه ليس أهلًا للتكليف، ومن المعلوم الفرق بينه وبين البالغ الذي حج نفلًا، فالبالغ الذي حج نفلًا أيش؟
طالب: مكلَّف.
الشيخ: أهل للتكليف، فيُلْزَم بأن يتم، والصبي ليس أهلًا للتكليف، قد رُفِعَ عنه القلم فلا يلزمه الإتمام.
وهذا القول هو الراجح؛ أنه لا يلزم الصبيَّ الإتمام إذا شرع في الحج أو العمرة.