للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: إنه يحرم متمتعًا، فإذا طاف وسعى أحرم بالحج وصار متمتعًا، فيقال: هذا القول ضعيف؛ لأنه كيف يصح أن نقول له: متمتع، وهو باقٍ على إحرامه لا يحل إلا يوم العيد؟ فالصواب أن مَن ساق الهدي ليس له إلا التمتع.

طلبة: القِرَان.

الشيخ: نعم، أن مَن ساق الهدي ليس له إلا القِرَان، أحسنتم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَوْلَا أَنِّي سُقْتُ الْهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ مَعَكُمْ» (٥).

فإذا قال قائل: ما هو الدليل على أن التمتع أفضل؟

قلنا: الدليل: الأثر والنظر؛ أما الأثر فلأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر أصحابه بذلك، وحَتَّمَ عليهم، وغضب عليهم، حتى قال لَهُمُ: «افْعَلُوا مَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَلَوْلَا أَنَّ مَعِيَ الْهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ مَعَكُمْ» (٦)، وقال: «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ وَلَأَحْلَلْتُ مَعَكُمْ» (٥).

وأما النظر فلأن المتمتِّع يأتي بعمرة مستقلة تامة بطوافها وسعيها وتقصيرها، هذا واحد، ولأن المتمتع يتبع ما يَسَّر الله عز وجل؛ لأنه سوف يحل بين العمرة والحج حِلًّا كاملًا، أرأيتم لو قدم في نصف ذي القعدة وهو قارن مثلًا أو مُفْرِد متى يحل؟ يوم العيد العاشر من ذي الحجة، فيبقى خمسة وعشرين يومًا وهو على إحرامه، وإذا أحرم بالعمرة وحل تمتع ما بين حِلِّه منها إلى يوم الثامن من ذي الحجة، وهذا تيسير ويسر على العبد، فكان أفضل.

فصار الأفضل التمتع بالأثر والنظر؛ الأثر أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وحَتْمُه على أصحابه.

وأما النظر فمن وجهين: الوجه الأول: أنه يحصل على نسكين مستقلين، أي: مستقل كل واحد منهما عن الآخر بأركانهما وواجباتهما وجميع الأفعال، والثاني: أنه يحصل له تمتع بما أحل الله له من حين حِلِّه من العمرة إلى إحرامه بالحج، وهذا لا شك أنه يسر وأن الدين الإسلامي يلاحظ التيسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>