فإن لم يجد مكانًا -كما يوجد الآن في أيام المواسم- فأين يصلي؟ يصلي فيما شاء من المسجد، لكن الأفضل أن يراعي أن يكون المقام بينهم وبين البيت.
قال:(فصل: ثم يستلم الحجر ويخرج إلى الصفا من بابه) يستلم الحجر متى؟ بعد أن يصلي ركعتين، يستلم الحجر بدون تقبيل، فإن لم يتمكن فلا إشارة، ينصرف من مصلاه إلى الصفا.
يقول:(يخرج إلى الصفا من بابه) أي: من الباب الذي يكون متجهًا إلى الصفا، (فيرقاه) يعني: يصعد على الصفا، (حتى يرى البيت) لأنه كان البيت له جدار، فيرقى حتى يرى البيت ويشاهده، فيستقبل البيت.
(ويكبر ثلاثًا، ويقول ما ورد) ومنه: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ»(٢). ثم يدعو بما أحب، ثم يعيد الذكر مرة ثانية، ثم يدعو بما أحب، ثم يعيد الذكر مرة ثالثة، ثم ينزل متجهًا إلى المروة.
قال:(ثم ينزل ماشيًا إلى العلم الأول، ثم يسعى إلى الآخر شديدًا)(ينزل ماشيًا) على عادته، (إلى العلم الأول) الْعَلَم هو العمود الذي جُعِلَ علامة على ابتداء السعي؛ يعني الركض الشديد.
وقول المؤلف رحمه الله:(إلى العَلَم) لأن هذا الذي بين العَلَمين كان بطن الوادي الذي سعى فيه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سعيًا شديدًا، حتى إن إزاره ليدور به من شدة السعي، ولهذا قال المؤلف رحمه الله:(ثم يسعى إلى الآخر شديدًا) أي سعيًا شديدًا.
والحكمة من هذا أن بطن الوادي منخفض، فيسعى فيه الإنسان يركض ركضًا شديدًا، ومعلوم أيضًا في العادة أن بطن الوادي يكون رمليًّا فيشق فيه المشي العادي فيركض.
(ثم يمشي ويرقى المروة ويقول ما قاله على الصفا، ثم ينزل فيمشي في موضع مشيه ويسعى في موضع سعيه إلى الصفا، يفعل ذلك سبعًا).