وقوله:(ويقضي ويهدي) ظاهره أنه يجب عليه القضاء ولو كان قد أدى الفريضة. ووجهه أنه لما دخل في النسك صار فرضًا عليه؛ لقول الله تبارك وتعالى:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}[البقرة: ١٩٧]. قال:{فَمَنْ فَرَضَ} وهذا يدل على أن دخول الإنسان في النسك يعتبر فرضًا على نفسه يجب عليه أن يتمه، فلهذا نقول: إنه يجب عليه القضاء، وإن لم تكن حجة الإسلام.
(ومن صده عدو عن البيت أهدى ثم حَلَّ) وهذا هو الحصر المذكور في الآية، قال الله تبارك وتعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} يعني منعتم من إتمامهما {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} أي: فعليكم ما استيسر من الهدي {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} إلى أن قال: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}[البقرة: ١٩٦].
وعليه فنقول: إذا مُنع من الوصول إلى البيت؛ صده عدو، فإنه يقول:(أهدى ثم حل) أهدى يعني ذبح هديًا ثم حل، وهذا الإهداء مشروط بأن يتيسر؛ لقوله تعالى:{فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}. فإن لم يجد قال:(فإن فقده صام عشرة أيام ثم حل)، يعني إذا لم يجد هديًا فإنه يصوم عشرة أيام ثم يحل.