المذهب لا، والصحيح أنه لا فرق بين حصر العدو وغيره، وأن الحصر وجود أي شيء يمنع من إتمام النسك.
ينبني على هذا المسألة المشهورة، وهي المرأة يأتيها الحيض قبل طواف الإفاضة، فهي ممنوعة شرعًا من الطواف، فماذا تصنع؟ هل نقول: هي محصَرة، تذبح هديًا وتحل، أو نقول: تبقى محرمة إلى أن تصل إلى البيت مرة أخرى، ولو طالت المدة؟ أم ماذا؟
فيه قول ثالث اختاره شيخ الإسلام رحمه الله خير من القولين، وهو أن تجعل على فرجها عصابة تمنع من نزول الدم وتطوف وهي حائض للضرورة. وما ذهب إليه رحمه الله هو المطابق لما تقتضيه الشريعة السمحة؛ لأننا لو قلنا: إنها تكون محصرة، وتذبح هديًا وتحللت، ماذا يكون؟ خسرت الحج، صار تعبها كله لا فائدة منه، وهذا خسارة عظيمة لا سيما على أهل البلاد البعيدة، تجد الرجل يمضي حياته وهو يجمع للحج ثم نقول لهذه المرأة: خلاص ( ... ). لو قلنا: تبقى محرمة، يعني على التحلل الأول فيه أيضًا ضرر، إن كانت ذات زوج حُرمت من زوجها، وإن لم تكن ذات زوج حُرمت من النكاح، فهذا ضرر عظيم لا تأتي الشريعة بمثله. ولذلك كان القول الراجح في هذه المسألة أنها تتحفظ وتطوف للحاجة.
ولكن هل يقال: من كانت من المملكة هل يتأتى فيها هذا الحكم؟ الجواب: لا؛ لأن الذين في المملكة والحمد لله أمرهم يسير، لها أن تذهب مع أهلها إذا لم يمكن أن ينتظروها، وإذا طهرت رجعت.
فإن قال قائل: قولكم هذا يبطله حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في صفية لما أُخبر أنها حائض، قال:«أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟ »، ولم يقل: تذهب إلى المدينة وإذا طهرت رجعت.
نقول: هذا لا يمنع، أما قوله «أَحَابِسَتُنَا هِيَ» فلأن الرسول صلى الله عليه وسلم سينتظرها، ونحن نقول: إذا انتظرها مَحْرَمُها فخير، لكن إذا لم يمكن أن ينتظرها محرمها فأيما أولى؟ أن ينتظر المحرم، أو يذهب بها إلى بلدها وإذا طهرت رجع؟