هذا الحديث فيه فوائد كثيرة، استنبط منه أناسٌ من العلماء استنباطًا قريبًا نحو اثنتي عشرة مسألة؛ منها: جواز ذبح المرأة ولو كانت حائضًا أو نفساء؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يستفصل، ومنها: جواز تصرف الإنسان في مال الغير بإتلافٍ إذا كان ذلك لمصلحة؛ لأن المرأة تصرفت، ومنها: أنه يجوز الذبح بالحجر لكن بشرط أن ينهر الدم.
فإذا قال قائل: كيف فيه حجرٌ ينهر الدم؟
فالجواب نعم ولَّا لا؟ نعم لا شك، لكن من تيسير الله أن الله يسر حجرًا له حدٌّ في هذه الحال، وهذا من التسهيل.
قال:(يتولاها صاحبها أو يوكِّل مسلمًا ويشهدها) طيب لم يذكر المؤلف رحمه الله توكيل الكتابي مع أن الكتابي ذبيحته حلال، فهل نقول: إن الكتابي لا يذبح الأضاحي؛ لأن ذبحها قربة، والكتابي ليس من أهل القربة، أو نقول: يذبح؛ لأن ذبيحته حلال؟
كَرِه العلماء رحمهم الله أن يتولى ذبح الأضاحي والهدايا كتابيٌّ، وعللوا ذلك بأنه ليس من أهل القُرْبَة، وهذا التعليل يقتضي ألَّا تصح تذكيته للأضاحي ونحوها، لكن لما كان نائبًا عن مسلم في هذه العبادة خفَّ الوضع، وصار مباشرته للأضاحي والهدايا والعقائق مكروهة ولكنها لا تمنع حل الذبيحة.
قال:(ووقت الذبح بعد صلاة العيد أو قَدْرِه إلى يومين بعده) وقت الذبح من بعد صلاة العيد، وهل المراد بالعيد العيد الذي صلَّاه الإنسان، أو حتى لو كان عيدًا لم يصل معه؟ يعني -مثلًا- لو كان في البلد مسجدَا عيدٍ؛ أحدهما خلص من الصلاة والثاني لم يخلص، لكن هذا الذي يريد التضحية صلى مع المسجد الذي لم يخلص، فهل تجزئ الأضحية بعد أن صلى المسجد الثاني؟
نقول: إن كان هذا الذي صلى في المسجد المتأخر هو الذي يباشر الأضحية فلا تصح، وأما إذا كان غيره -مثل أن يكون له أولاد صلوا في المسجد الثاني السابق، ثم جاؤوا إلى البيت وذبحوا- فهذا يجزئ؛ لأن الذابح قد صلى، والصلاة الثانية صلاة شرعية؛ لأنها مباحة لتباعد البلد أو ما أشبه هذا.