(من بعد صلاة العيد) وعُلِم من قوله: (صلاة العيد) أنه لا يشترط أن يكون ذلك بعد خطبة العيد، فلو أن الإنسان انطلق من حين أن سلَّم من صلاة العيد وذبح والإمام يخطب؛ صحت الأضحية.
وظاهر كلامه أيضا أن ذلك صحيح وإن لم يذبح الإمام؛ إمام مسجد العيد؛ لأن المؤلف أطلق، وهو كذلك.
ودليله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلَا نُسُكَ لَهُ»(١٨)، فمفهومه أن من ذبح بعد الصلاة فله نسك، سواء انتهت الخطبة أو لم تنتهِ، وسواء ذبح الإمام أم لم يذبح، لكن الأفضل ألَّا يذبح قبل الإمام.
وهذا الذي قاله العلماء رحمهم الله صحيح فيما لو كان الناس يفعلون في الأضاحي ما كان يُفْعَل بها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فهنا ننتظر الإمام؛ لأنه إمامنا في الصلاة فكان إمامنا في النسك.
ماذا كانوا يفعلون فيما سبق؟
كانوا يخرجون بضحاياهم إلى مصلى العيد لكن في غير مكان الصلاة، فيذبحون هناك؛ من أجل أن يكون نفعها أعم، كل من حضر يمكن أن يأخذ منها، فكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يخرج بأضحيته ويضحي، والناس أيضًا يخرجون بضحاياهم ويضحون، لكن هذا نُسِّي من زمان. فإذا كان الناس يضحون في مصلى العيد قلنا: لا تضحوا قبل إمامكم، هذا هو الأفضل.
يقال: إن خالد بن عبد الله القسري رحمه الله خرج بالجهم بن صفوان في عيد الأضحى مكبلًا ..
طالب: الجعد بن درهم.
الشيخ: الجعد بن درهم خرج به في عيد الأضحى مكبلًا وخطب الناس وقال: أيها الناس ضحوا، تقبل الله ضحاياكم، فإني مضحٍّ بالجعد بن درهم؛ لأنه قال: إن الله لم يتخذ إبراهيم خليلًا، ولم يكلم موسى تكليمًا، ثم نزل فذبحه، يقول ابن القيم رحمه الله:
شَكَرَ الضَّحِيَّةَ كُلُّ صَاحِبِ سُنَّةٍ
لِلَّهِ دَرُّكَ مِنْ أَخِي قُرْبَانِ
الأضحية هذه تجزئ؟ هي لا تجزئ عن الأضحية الشرعية لكن مصلحتها أعظم بكثير؛ لأن الله أنقذ بهذه الضحية أنقذ أُممًا.