الجواب عن هذا الاستدلال أن العرب يطلقون الأيام على الليالي، فيقال: أيام، ويشمل الليل والنهار، وكذلك يطلقون الليالي ويراد بها الليل والنهار؛ مثل قوله تعالى:{يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}[البقرة: ٢٣٤] أي: عشر ليالٍ، والمراد الليالي والأيام.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:(ويتعينان بقوله هذا هدي أو أضحية)(يتعينان) الضمير يعود على الهدي أو الأضحية؛ لقوله:(بقوله: هذا هدي أو أضحية لا بالنية) يعني: أن الإنسان إذا اشترى شاة يريد أن يضحي بها، فهل تتعين بهذه الإرادة أو لا بد من لفظ يدل على ذلك؟ يقول المؤلف: إنه لا بد من اللفظ، النية لا تكفي بل لا بد من اللفظ، أو من الفعل فيما يمكن فيه الفعل؛ لأن الإنسان لو اشترى عبدًا ليعتقه فهل يكون حرًّا بمجرد الشراء؟ لا يكون حرًّا بمجرد الشراء، مع أنه ناوٍ أن يعتقه، ولو اشترى بيتًا ليوقفه فهل يكون وقفًا بمجرد الشراء؟ لا، إذن الأضحية مثلهم؛ لا تكون أضحية بمجرد الشراء بل لا بد من النطق، فيقول: هذا ويعينها؛ هديًا إن كان هديًا، أو أضحية إن كان أضحية.
وقوله:(لا بالنية) هذا دفع به قول من يقول: إنه يتعين بالشراء مع النية؛ بمعنى أنه إذا قارنت النية بالشراء فإنه يتعين ويكون كالمنذور لا يُغَيَّر.
وما ذهب إليه صاحب الكتاب هو الصحيح؛ أنه لا بد من لفظها، مجرد النية لا يثبت بهذا الحكم؛ كما لو أن الإنسان عزل شيئًا من دراهمه قال: أريدها للصدقة، هل تكون صدقة؟ ما تكون، له أن يُغَيِّر، وله أن يمسك.